لم تخبرنا.. كيف هي الهند يا حبيبي؟ رائعة جدًّا، البلد وأهلها. هذا من جمال عينيك. بحق، كانت من أجمل الرحلات في حياتي. رائع، وما الذي أحببته في هذه الرحلة؟ كل شيء في الرحلة كان رائعًا، والغريب أنّني لا أعرف تحديدًا ما الذي أحببته في هذه الرحلة، ولم.. ربما لروعة أهلها وطيبتهم، أو ربما من أجلك أنت يا حبيبتي.. أو لأني أنهيت صفقات الشركة بسرعة وكفاءة، لا أدري.. المهم أني سعدت جدًّا.
أتدري؟ تذكرني بمايكل الهندي فيك شبه منه في الاسم والشكل.. ثم ابتسم وقال: إلا إنك يا حبيبي أفضل وأجمل منه بكثير.. أما أنت يا سالي فيذكرني جمالك بجمال أورميلا.
أورميلا التي قلت أنها تشبه سالي، تعني الفاتنة أو الساحرة. نعم.. صحيح. وكيف عرفت؟! هل استمعت لنصيحة توم وكاخ؟ أنت من يجب أن تخبرينني أولًا.. متى التقيت بتوم هذا؟! لم ألتقِ به.. بل قابلته في حفل الكنيسة قبل يومين، لماذا تتهرب من سؤالي، من هي أورميلا؟ أورميلا فتاة قابلتها في الفندق صدفة، كانت جميلة جدًّا، أخبرتني أن معنى اسمها الفاتنة.. لكن أخبريني سهرتي مع توم إلى متى؟ سهرنا حتى ساعة متأخرة، لكن هل تتوقع أن أصدق أن مقابلتك كانت صدفة وعابرة، ومع ذلك لم تنسها، وعرفتك باسمها؟ نعم كانت مقابلة عابرة، لكن هل تتوقعين أن أصدق أن سهرة الكنيسة كانت حتى السابعة صباحًا؟ من أخبرك أننا سهرنا حتى الصباح؟! هل تراقبني وتشك فيّ؟ ألم يكن الأولى أن أراقب أنا علاقتك بالفاتنات؟! أود أن أنام أستأذنك...
تفضل حبيبي. شكرًا حبيبتي، لم أعطك حبيبتي هديتك.. لحظة سآتيك بالصليب الذي طلبتيه مني.. شكرًا حبيبي.. كم هو جميل ورائع، توقعت أن تنسى! كيف أنسى طلبات حبيبتي، هذا أهم شيء كنت أريد أن أحضره من الهند. روح القدس كانت تحميك وأنت تحمل هذا الصليب معك، بالمناسبة ما أخبار إجابة الأسئلة؟ كانت رحلة رائعة تعرفت فيها على أديان وأفكار ونحل مختلفة. هل زرت كنيسة سانت جيمس؟ رائعة معمارية! نعم زرتها.. رائعة حقًا، بالمناسبة كنت أتوقع أن المسيحيين أكثر في الهند، وفوجئت بأن عددهم محدود جدًّا. نعم.. صدقت، بكل أسف؛ فالناس لا يغيرون ديانتهم الهندوسية بسهولة إلا ليتحولوا إلى إرهابيين، عمومًا الكنيسة تفكر في تغيير استراتيجيتها لتغيير هذا الوضع. إرهابيين!! تقصدين مسلمين؟ نعم البرابرة المتوحشون. رغم أن أحد عقود شركتنا مع مسلمين، ورغم حسن تعاملهم، بل رغم تفاعلهم وصدقهم ومبادئهم، إلا أنني لم أرتح أبدًا لأحدهم واسمه (كريم الله)، ولا أدري سبب ذلك! نفسك الصافية النقية المحبة للخير لا يمكن أن تحب النفوس المحبة للقتل والتدمير. ربما، لكنهم كانوا أيسر وأسلس من تعاملت معهم في الهند وأكثرهم تمسكًا بمبادئهم. لماذا ألم تقابل مسيحيين؟ هههه، بلى، قابلت مايكل المتدين، ولا أدري لماذا ارتحت له رغم سوء خلقه! متدين دون أخلاق؟! نعم.. متدين جدًّا جدًّا، بل متعصب، وهو أيضًا لا أخلاقي، للأسف طلب منه كاخ أن يجهز لي الفتيات الهنديات، وأن يتلاعب بعقود العاملين، وهو يستجيب له. آه!! متدين ويحضر الفتيات! نعم.. ثم تابع حتى يطمئن كاترينا: والأعجب أنه استغرب رفضي. يسرق حقوق الناس ويدعو للزنا! هذا لا يمثل المسيحية حبيبي، يجب أن نفرق بين المسيحية والمسيحيين. نعم.. بلا شك هذا صحيح من وجهين، فمن وجه ـ كما قلتي ـ يجب أن نفرق بين الأفكار والأديان وبين أصحابها؛ بحيث لا نحمل الدين أخطاء أهله، لكن من وجه آخر: أليست تصرفات الناس ناشئة من أفكارهم وأديانهم؟ فإذا غلب عليهم شيء دل ذلك على وجود المشكلة في دينهم وفكرهم أصلًا؟! نعم، لكن صاحبك مايكل حالة خاصة. ربما.. كل أصحاب الأديان يقولون ذلك. وماذا عن إجابات أسئلة الطبيب؟ أظن أن إجابات الأسئلة أصبحت واضحة بالنسبة لي. إذن.. انتهينا من المشكلة؟ انتهينا من إجابة أسئلة الطبيب فقط؛ أي أن الإجابة من الله الذي جاء بدين سماوي، وأظن أننا في الطريق لنصل لإجابة الأسئلة الكبرى؛ ومن ثم ننتهي إلى السعادة. استمر وستصل حبيبي.. وكيف تأكدت من إجابة تساؤلات الطبيب، أعني كيف تأكدت من أن الإجابة ستأتي من دين سماوي؟ لم تكن الإجابة تحتاج إلى كثير تفكير، فقد تعرفت على عدد من الأديان الهندية غير السماوية، وهي أبعد ما تكون عن الصلاحية لأهلها، فضلًا عن الصلاحية للبشرية كلها، أديان تعامل أصحابها بطريقة تتناقض مع الطبيعة البشرية وتتناقض مع العدل والحكمة، بل اكتشفت أننا لدينا في الغرب هذه الأديان مجملة أكثر من حقيقتها بكثير، عمومًا هذا رأيي، وسأرى ماذا سيكون رأي توم عندما ألقاه. ومتى موعدك معه؟ بعد أربعة أيام، ثم أردف لقد تأخرت عن العمل كما أنني أخرتك حبيبتي. لقد اعتذرت وأخبرتهم أني سأتأخر اليوم، وكنت أظنك لن تذهب لعملك اليوم. لا.. سأذهب ولو لساعات لأسلم بعض المهام... أستأذنك حبيبتي وأراك عندما أعود.
ما هذه النجاحات التي حققتها في هذه الرحلة؟ كم أنت رائع! تمت الصفقات كما نشاء، ولكن كيف عرفت؟! أرسل لنا مايكل خطاب شكر، وأخبرنا بأنه تم الاتفاق.. مايكل رغم تدينه إلا أنه يحسن العمل ويتجاوب مع الطلبات والمتع الإنسانية.. ثم أردف وهو مبتسم: أما مطيع الرحمن فهو خشبة لا يتجاوب مع شيء البتة، بشرني ماذا صنعت معه؟ اتفقنا ووقعنا العقود، وهذه هي مختومة من السفارة البريطانية في الهند وبقي تختيمها من السفارة الهندية في لندن. لا أصدق عيناي! كيف اتفقت معه؟! لقد كان الاتفاق معه أسرع اتفاق في الدنيا، فهو مرن وحيوي ويفكر بطريقة مكسبة للجميع رغم كونه فوضوي، وقد أحال الاتفاق إلى أخيه كريم الله وكان عمليًا ومرتبًا إلا أنه غير مريح. لا أصدق ما تقول رغم أن العقود أمامي، أما بالنسبة لي فلا مطيع الرحمن ولا كريم الله يريحاني، لا أدري كيف يرون الحياة، كأنهم في معركة، ربما كان ذلك بسبب طبيعة معتقدهما فهما مسلمان.. قل.. أخبرني ما أخبار فتياتي؟ ألا تستحي أن تنام مع فتياتي يا جورج؟ لم أنم مع فتياتك ولا مع غيرهن. إذن.. مايكل كان لئيمًا ولم يكن كريمًا معك كما يكون عادة معي؟ بالعكس كان كريمًا معي جدًّا، لكني أنا الذي رفضت الفتيات.
لا أصدق أن عاقل يضيع على نفسه الفرص النادرة، كنت أود أن أسافر لأستمتع بالفتيات؛ فهن رائعات لولا اجتماع مجلس الإدارة، لا أعرف متى ستعيش حياتك وتستغل الفرص، ولولا أنك أنهيت العقود جميعها لظننت أنك لم تسافر! فما معنى الذهاب للهند دون جميلات الهند، بصراحة هل لديك أجمل مما يحضره مايكل، فاستغنيت عن فتياتي؟ نعم، أورميلا فتاة عرضت نفسها علي في الفندق وهي أجمل وبكثير، ههههه، ولكني رفضت. لا أعرف، كيف تنظر للحياة ومتعها؟! بل ما معنى الحياة؟ وما معنى العيش؟ ولماذا خلقنا؟ إذا كنا سننفق أعمارنا وأوقاتنا في الهروب من أنفسنا لنزواتنا وشهواتنا؟ هههه، محاضرة رائعة يمكنك أن تقولها لطبيبك، دعني من هذا، يفترض أن نرتب أمورنا بعد هذه العقود، والشركة ممتنة لك على هذه الإنجازات. سأبدأ في الترتيبات وخلال الأيام القريبة سأنتهي منها، وأنا ممتن للشركة؛ فقد كانت رحلة رائعة.
مع أني لا أفهم ما روعتها بالنسبة لك، لكن أحب أن أخبرك بأنه تنتظرك رحلة أروع
إن أردت. رحلة أخرى؟! نعم إلى البلاد المقدسة. أي بلاد مقدسة؟ رغم أني لا أصدق بقدسيتها إلا أن أصحاب الديانات السماوية الثلاث يعتبرونها مقدسة (القدس) أو (أورشليم) أو (تل أبيب)، أهلي كلهم هناك ويدعونني دائمًا للذهاب لكني أشعر أنهم متدينون أكثر مما يجب! أمي يهودية ولكني غير مقتنع بكل الأديان، وقد وافقت شركة أورشليم الأمنية على عرضنا التقني الذي أرسلناه لها، فإن أردت أن تذهب، وإلا سأذهب أنا، وأرجح أن تذهب أنت فيبدو أنك أقدر مني على إتمام الصفقات.. لديك أسبوع للتفكير. جيد سأنظر وأخبرك.
حمدًا لله على سلامتك حبيبي، لقد كنت قلقة عليك. لا أعرف ماذا حدث اليوم لي ساعتين ونصف في الطريق! لقد أُوقف مترو الأنفاق اليوم بالكامل؟ لماذا؟ تفجير إرهابي في المترو، والحمد للرب أنه ليس في المنطقة المركزية وإلا لمات آلاف الأشخاص. هل أصيب أحد؟ قتل رجل وامرأة تزوجا قبل يومين، وأصيب رجلان وامرأة وطفل. أي قلب لدى هؤلاء المسلمين الإرهابيين!
وما أدراكِ أنهم المسلمون؟ دعينا نرى الأخبار في التلفاز. لا يوجد أناس بلا قلب غيرهم لينفذوا هذه العملية.
يبدو أن رأيك صحيحًا، فالذين نفذوا هم الإرهابيون المسلمون، وإن كان لم يصدر حتى الآن بيان رسمي بذلك. صدقني لا يوجد قساة بلا قلب إلا هؤلاء الإرهابيين، فهم يقومون بذلك تدينًا. يقتلون الناس تدينًا؟! نعم.. فلديهم ما يسمونه (الجهاد) يتعبدون به لقتل الناس وتعذيبهم، وانظر للفرق بين هذا الدين العنيف وسماحة وحب المسيحية، فالمسيح يضحي بنفسه من أجل البشرية، وأتباعه كذلك، أما أتباع محمد فهم لا يعرفون إلا القتل. عجيب هؤلاء المسلمون، ربما يكون هذا السبب الذي جعلني لا أرتاح لكريم الله. الحمد لله أنك خرجت من عندهم سليمًا،لم يقتلوك أو يفجروك. هههه، تخيلي أن يلغمني مطيع الرحمن ثم يفجرني.. حقيقة كان لطيفًا وأعطاني هدية أيضًا، دهن عود هندي. لا تستعملها فقد تكون مسمومة حتى تتأكد من مناسبتها. أنا لا أحب دهن العود، وقد أحضرته للنادل آدم، فقد طلب مني دهن عود، ولكن لا بد من التأكد من أنه لا يوجد فيه ما يضر بصاحبي النادل آدم. تأكد من سلامتها قبل أن تهديها لصاحبك، فهؤلاء الإرهابيون لا يؤمنون البتة. ذكرتيني.. أنا لم أزر آدم منذ عودتي، وكنت قد وعدته بزيارة عندما أعود من الهند. هل هو بروتستانتي أم كاثوليكي؟ تخيلي لا أعرف! لم أسأله ولم يخبرني، سأحاول أن أقابله غدًا ولعلي أسأله.. هل لدينا سهرة اليوم أم سننام مباشرة؟ أفضل سهرة لأحلى حبيب.
منذ متى بدأت الإجازة؟ وهل تعرف لماذا أخذها؟ أخذها بدعوى التفرغ لأبحاثه المطلوبة منه في الجامعة، وقد أخذها منذ ثلاثة أيام.
هل من جديد في تفجير المترو؟ لا جديد، لا يزال البحث عن الباكستاني الإرهابي، إلا أن التخوف أن تكون لندن تنتظر تفجيرا آخر. أتمنى أن يجدوه اليوم ليطمئن الناس على أرواحهم، أي قلوب يمتلك هؤلاء؟! هل ذهبت للعمل اليوم؟ لا، فالمترو في الصباح كانت لا تزال أجزاء منه مغلقة، لكني ذهبت لصديقي آدم ولم أجده فهو في إجازة لأبحاثه. وهل ستذهب غدًا للعمل؟ نعم.. بلا شك؛ فلدي بعض الأعمال، ثم سأخرج لموعدي مع الطبيب توم. هذه المرة لديك إجابات محددة وواضحة للطبيب؟ نعم، أشعر بأن القدر ساقنا إلى إجابات محددة في المرة الأولى وهذه الثانية. أنت موفق دائمًا؛ فروح القدس معك ويؤيدك. أعتقد أني أعرف أسئلته الجديدة. تعرفها؟! نعم، يبدو أن الخيارات بدأت تضيق علي، ولا أدري أهو من تخطيط توم ليوقعني، أم مجرد مصادفة، أم توفيق من روح القدس كما تقولين؟ كيف؟ في البداية كانت الخيارات من أين نأتي بالأجوبة، وكان واضحا جدًّا جدًّا لي أنه لا يمكن أن نأتي بها إلا من الخالق، وأن فكرة الإلحاد فكرة فوضوية هروبية لا توصل لشيء، فهل يمكن أن يأتي خلق النظام من الفوضى، وكيف يعرف غير الخالق لماذا خُلِقنا؟ فالإلحاد يعاكس العقل والفطرة والدين حتى لو تلبس به من يظن نفسه مثقفًا، فكانت التساؤلات التي بعده من هو الخالق؟ وقسمنا أديان وأفكار الناس عن الخالق إلى فئتين، أديان أرضية وأديان سماوية، وكان واضحا جدًّا لي خاصة بعد رحلة الهند أن الأديان الأرضية لم تستطع أن تتوافق مع الطبيعة الإنسانية ومع معتنقيها، فضلًا عن أن تقدم إجابات للبشرية، بل هي من الخرافة إلى درجة لا يمكن التعامل معها، والآن لابد أن يكون السؤال: أي الأديان السماوية يمكن أن يعطينا أجوبة منطقية تتوافق مع الحقائق العلمية والبشرية؟ ألم أقل لكَ أن المسيحية هي خلاص البشرية! وماذا عن اليهودية؟ وماذا عن الإسلام؟ هل سأراك يا حبيبي مسلمًا لابسًا حزاما ناسفا في مترو الأنفاق؟ ربما، ههههه، أو ستريني يهوديًا ككاخ لا يهمه إلا المال والجنس.
ما أخبار الهند وفتياتها؟ بلاد جميلة وعجيبة.. سأدخل على توم فقد حان موعدي. تبدو مستعجلًا، أو أنك لا تود التحدث معي.. لا بأس! تسمح لي بالدخول لتوم؟ تفضل.. تفضل، ولكن تذكر أنك ستعود إليّ يومًا.
كم أنا سعيد جدًّا برؤيتك، وكم أنتظر رؤياك وآراءك وأجوبتك. تنتظر أجوبتي وآرائي؟! ربما تستغرب ما أقول لكن حقيقة.. نعم، فيبدو أن فلسفتك توافقت مع طريقتي العلمية والفلسفية وتوافقت مع بدء أبحاثي في الدين، ولذا أذهب للكنيسة بشكل دوري لبعض الدراسات النفسية الدينية.. ثم ابتسم وأضاف: عمومًا دعني من ذلك، هل زهدت في كل الأديان كما توقعت؟ نعم بلا شك.. رائع كما توقعت. دعني أكمل ـ لو سمحت ـ نعم بلا شك زهدت في كل الأديان الأرضية. ماذا تعني؟ أعني أنه يجب أن نبحث عن الأسئلة الكبرى من خلال الله الخالق، كما جاء في الأديان السماوية. وبأي حق تقدم الأديان السماوية على الأرضية؟ لم أقدم الأديان السماوية من عندي، بل أصحاب الأديان الأرضية يعرفون أن أديانهم هي من تطويرهم ولا يزالون يطورونها. يطورونها؟! نعم يطورونها! فهم يعرفون أنها أرضية بشرية، ثم كيف يجيب على أسئلتنا الكبرى أشخاص مثلنا! ربما نحن أفهم وأفضل وأعلم منهم، ثم كيف يمكن أن يفهم البشر لماذا يعيشون ما لم يوجد خالق خلقهم، ولا يمكن أن يخلق الناس أنفسهم، فضلًا عن أن يخلقهم حيوان! ألا ترى أن هذه الأديان الأرضية هي أهم أسباب تولد حركة الإلحاد في العالم. تتحدث وكأن الأديان السماوية حق لا لبس فيها! حقيقة.. لا أدري، فسؤالك كان في الاختيار بين السماوية والأرضية، والاختيار لم يكن فيه شك البتة. أنت الذي وضعت الخيارين وليس أنا. وأنت اقتنعت به وعدلت السؤال، عمومًا نحن نسير بطريقة علمية صحيحة رغم عدم محبتي لها، ومن الممكن في أي لحظة أن تزهد ونزهد سويًا في الأديان السماوية، وعند ذلك سنعود للإلحاد. لا أظن أنه يمكن أن يتم ذلك، فالإلحاد طريق مظلم مخوف لا يوصل للسعادة، ولذا كثير من الملاحدة انتهت حياتهم بالانتحار. ههههه، هل تعني أنني سأنتحر قريبًا؟! ولماذا إذن ينتحر أصحاب الأديان أيضًا؟ أتوقع أنك تعرف ظلام طريق الإلحاد، ولذا بدأت ببحثك عن الأديان، أما لماذا ينتحر أصحاب الأديان؟ فهو سؤال ليس بالضرورة أني أعرف جوابه. ربما، المهم الآن أننا سنبحث في الأديان السماوية، فإن توصلنا إلى أنه لا يمكن أن تجيبنا كلها عن ذلك فيجب أن نوجد حلا، ورغم إلحادي وقناعتي فأنا مقتنع بكثير مما تقول عن الإلحاد، إلا أنه ربما يكون خيارًا لا بد منه، ولا أحب أن ألغي إلغاء نهائيًا خياراتي. بقي ثلاثة أديان فقط. وهل سنناقش الإسلام الإرهابي أيضًا؟ لا أدري، لكنك لا تحب أن تلغي الخيارات؟! نعم.. نعم صدقت، لكن أتخيل أنك ستختبئ في جبال تورا بورا، كابن لادن سابقًا. رغم كرهي الشديد للإرهاب، وتأكدي من أنه لا عقل ولا دين ولا قلب له، لكن الطريقة العلمية العادلة ربما توجب ذلك. كسبًا للوقت، التحدي أمامك الآن في المفاضلة بين الأديان الثلاثة، وأقترح أن تبدأ بالدين المتفق عليه من الجميع. الأديان الثلاثة متفق عليها. أقصد اليهودية، فموسى عليه السلام يؤمن به اليهود والنصارى والمسلمون. فهمت، وأظن من الممكن النظر من زاوية أخرى معاكسة تمامًا. كيف أيها الفيلسوف؟ أن المسلمين يؤمنون بموسى وعيسى ومحمد، بينما المسيحيين لا يؤمنون إلا بموسى وعيسى، بينما اليهود لا يؤمنون إلا بموسى. نظرة صائبة من زاوية معاكسة تمامًا، لكني لا أزال على رأيي بأن نبدأ باليهودية؛ فهي أقدم الأديان السماوية. أتفق معك تمامًا. وآمل أن تأخذ وقتك تمامًا في كل دين، فأنت تتحدث عن تاريخ وفلسفة وفكر ودين وواقع في وقت واحد، وبعد أن ننتهي من اليهودية لا تلغيها أو تعتمدها حتى تتعرف على المسيحية، وبعد أن تأخذ وقتك وتتعرف على المسيحية لا تلغيها أو تعتمدها حتى تتعرف على الإسلام.. ثم ابتسم وأردف إن كنت مصرا أن تذهب إلى جبال تورا بورا!
جيد، وسؤالي: كيف ترى الوسيلة لأن أتعرف على هذه الأديان؟ القراءة والاطلاع والبحث كنز لا يفنى، وإن كنت تعرف من رجال الدين في هذه الأديان فهو مفيد بلا شك.. وليتك تسافر لتل أبيب كما سافرت للهند؛ لتتعرف على اليهودية عن قرب. من عجائب المصادفات أنه هناك سفرة عمل قصيرة لتل أبيب قريبًا، ولكني لم أوافق عليها حتى الآن. لا أعرف ظروفك فأنت للتو قدمت من الهند، لكن لو تيسر ذهابك لتل أبيب فسيكون ذلك مفيدًا جدًّا.. وعند التعرف على المسيحية سافر إلى روما، وعند التعرف على الإسلام سافر إلى مكة، إلا أن الإرهابيين لن يسمحوا لك بدخولها! كلامك حمسني على الموافقة على السفر لتل أبيب، سأنظر في ظروفي وأخبرك بما قررت. تبدو محظوظًا، فاليهوديات فاتنات ولعوبات ومن أعراق مختلفة ففيهم كل الأشكال، فبعد الهنديات ها أنت تستمتع باليهوديات، كم أنت محظوظ!
ألا تستمتع أنت بمريضاتك من مختلف الأعراق، وتستمتع بحفلاتك لإكمال أبحاثك أيضًا على مختلف الأعراق؟! فهمت ما تقصد جيدًا، كاترينا الرائعة، روعتها في أنها متبتلة لخدمة دينها، لا تلتفت يمينًا ولا يسارًا. أو ربما تحب الاستمتاع بالهنديات؛ ولذا تستمر أبحاثك الشاقة طوال الليل إلى الصبح. أيضًا فهمت ما تعني جيدًا، حتى الصبح بسبب الحريق الذي اشتعل في المبنى المجاور للكنيسة.. ثم التفت بحزم إلى جورج وأردف: رغم تاريخي الطويل في التلاعب بالنساء إلا أن كاترينا مختلفة كليًّا؛ فهي لا تفكر في غير الكاثوليكية ونشرها. هل تريد أن تفهمني أنكما في كل لقاءاتكما وسهراتكما فقط تتباحثان في الدين والمسيحية والإيمان؟! قطعًا لا، فالكنيسة تستخدم الحفلات لجذب الناس للكنيسة وتعليمهم الدين. وخلال هذه الحفلات الراقصة تبدأ كثير من القصص الغرامية؟! نعم صدقت، لكن كاترينا رغم جمالها مختلفة، فهدفها واضح ولا تفكر في غيره؛ وهو خدمة الكاثوليكية وزيادة إيمان الناس بالمسيح، وهذه هي روعتها. مممم، ولذا تشربون الخمر سويًّا لتكونا في حالة من زيادة الإيمان والتضحية من أجل البشرية؟! رغم أنك تستخدم أسلوبًا لا يعجبني أبدًا، لكني أشعر أني ملزم أن أرد جزءا من جميل كاترينا لي، فقد حركت الإيمان في قلبي ولأول مرة منذ خمس عشرة سنة.. نعم شربت الخمر في حفل الكنيسة؛ فأنا ملحد واستغربت أن كاترينا شربت أيضًا وهي متدينة. وماذا حدث عندما وصل الإيمان إلى غايته، والتضحية من أجل البشرية إلى غايتها، والسمو إلى غايته، والسكر والهلوسة إلى غايتها!! حتى أقول الحقيقة، مع حرص كاترينا على ألا تكثر إلا أنها ولأول مرة بعد انتهائنا من مشكلة الحريق المجاور كانت متعبة وشربت أكثر من العادة. وعند ذلك سموتما معًا وامتزجتما معًا! جورج!لم يكن بيننا شيء مما يعاب، إلا أنها لما شربت وأكثرت أحست بدوار فحملتها إلى السيارة وانتظرت حتى استفاقت، وهذا سبب تأخرنا حتى الصباح، فشكرتني شكرًا شديدًا، وهي تشعر بالخجل مما آلت إليه، فأبديت امتناني لها على شكرها، وقبلتها، ثم شعرت أني أخطأت بفعلي؛ إذ كان واضحًا كرهها لذلك. رائع.. رواية رومانسية رائعة، يجب أن أصفق لكما! كان معنا طوال الوقت صديقتها وجارتها سالي، وبإمكانك أن تتأكد منها من كل ما قلت، وبإمكانك أن تتأكد من صفحتي على الفيس بوك؛ ففيها جميع صور هذه الليلة، ولم أكن مضطرًا أن أقول شيئا من ذلك، لكني أحببت أن أكون صريحًا معك، رغم أسلوبك المستفز، فلا أعرف لماذا أتعامل معك بطريقة تختلف عن غيرك، ربما لأني أشعر بنفس مشكلتك، أو ربما غير ذلك. نفس مشكلتي؟! قد تستغرب ما أقول لك، لكن لدي هم وغم داخلي قديم، ومنذ سنة زاد كثيرًا ولا أعرف سببه، والعجيب أنه منذ قدومك والتساؤلات وبحثي في الدين بدأ يقل هذا الهم ولا أعرف لماذا؟ هل هو بسبب التساؤلات وإجاباتها، أم بسبب ذهابي للكنيسة وإيمانياتها، أو كليهما؟ بالمناسبة ما أخبار الضيق والهم الذي يأتيك؟ وما أخبار هجوم التساؤلات التي تحطمك؟ بدأت تقل كثيرًا جدًّا، وربما كان كثرة انشغالي بإجابة التساؤلات في طريق السعادة وسفرياتي من أسباب انشغالي عن هذا الغم. جميل هذا التعبير “طريق السعادة”. نعم، هو تعبير قاله لي عجوز قابلته في الطريق، ثم رسخه نادل قابلته في مقهى.
كل الناس تريد أن تسير في طريق السعادة، بل تظن نفسها فيه، إلا أن الحقائق تبقى حقائق. ماذا تعني؟ كل أصحاب دين أو فرقة أو نحلة أو طائفة يظنون أنهم في طريق السعادة، وهم فقط الذين في طريق السعادة؟! ثم ابتسم وقال: هذه سخرية القدر!! لكن بلا شك أنا وأنت لسنا في طريق السعاة، وإلا لما كنا في الهم والغم الذي نعيش فيه! المهم دعني ألخص جزءا مما قمنا معا به.. سايرتك في أن السعادة في إجابة التساؤلات الكبرى، وأن الإجابة يجب أن تكون من خالق لا من البشر؛ مما يلغي فكرة الإلحاد، ثم قررت أن هذا الخالق جاء بدين سماوي لا أرضي، ونحن الآن في تحديد الدين السماوي هذا. المفترض أن أصحاب هذا الدين هم المحقون في أنهم يسيرون في طريق السعادة، وأعتقد أني أسير في اتجاه يوصل لما قالت لي كاترينا من البداية، لكني لا أود أن أستعجل وأحرق المراحل، خاصة وأنها بدأت تخف لدي هجوم هذه التساؤلات وتعقدها، وأشعر بأنني آخذ القضايا الكبرى بعمق وببساطة. لا شك أن كاترينا المضحية بكل شيء في سبيل الرب تستحق أن تكون على صواب، لكن دعنا نكمل على طريقتنا، وأنتظر عودتك من تل أبيب ونكمل مشوارنا بعد ذلك. اتفقنا، أطلت عليك اليوم.. أستأذنك، وإذا سمحت لي أن يكون موعدنا بعد أسبوعين إن سافرت لتل أبيب، وإن لم أسافر فيكون الأسبوع القادم. بل موعدنا بعد أسبوعين؛ لتتمكن من القراءة عن اليهودية، واحرص على أن تسافر البلاد المقدسة لتثري معلوماتك. جميل تعبير “البلاد المقدسة”! نعم.. فهي بلاد مقدسة في كل الأديان السماوية؛ ولذا دائما ما نجد حروب الأديان السماوية فيها وحولها. سأحرص على السفر، وسأنظر كيف أرتب ظروفي.
ما أخبار كاترينا؟ هل ستتركها لتورا بورا؟ تورا بورا؟!! لا تكن بسيطًا فيلعب بك بكلمات بسيطة! ماذا تعني؟ لا أعني شيئًا، كاترينا رائعة وتوم وسيم، ويمكنك أن تسافر، كن عميقًا ولا تكن بسيطًا.
تبدو متضايقًا.. ما الأمر؟ لم أجد صديقي النادل آدم، وقد اتصلت عليه كثيرًا، وذهبت له أكثر من مرة! كنت خائفة أن يمسك سوء من الإرهاب، فلما رأيتك مهمومًا خفت عليك، يبدو أنك تحب آدم كثيرًا؟! رغم بساطته لكنه خدمني كثيرًا، وأرتاح لكلامه كثيرًا. ماذا يقول زملاؤه في العمل عنه؟ هو في إجازة لإنجاز أبحاثه الجامعية؛ فهو طالب أديان كما قلت لك سابقًا. ومتى تنتهي إجازته؟ ستنتهي بعد غد، ولكني مستعجل لمقابلته، لمشاورته في بعض الأمور.. بالمناسبة كنت أود استشارتك في عرض سفر لي للقدس أو ما يسمى بتل أبيب. للبلدة المقدسة؟!
نعم؛ حيث لدينا احتمال توقيع عقد مع شركة أمنية يهودية. ولكنك للتو قادم من سفر، وأخاف عليك أن تتعب. لن أتعب، لكني كنت أود أن أجلس معك ومع مايكل وسالي أكثر، ولم أكن متحمسًا حتى قابلت توم اليوم وحثني جدًّا وبحماس على السفر. لماذا؟ يقول: إنك ستتعرف على الدين اليهودي عن قرب. صدقه في هذا، بل ستتعرف على الديانات السماوية الثلاث؛ فهي أرض مقدسة لجميع الديانات السماوية. وما رأيك أنت؟ لم أنتبه للنقطة التي أثارها توم، فإن كنت تشعر أنها ستفيدك فسافر وسأسعد بك وأنتظرك أنا وأبنائي بعد عودتك. ما ذكره توم مقنع، ولكني لست متحمسًا كثيرًا، عمومًا سأحاول أن أجعل السفر مختصرًا جدًّا. أنت محظوظ تسافر إلى بلاد العجائب، ثم إلى بلاد الملاحم! بل أنا محظوظ بزوجتي الرائعة. أود إذن أن أهديك هدية. وما هي؟ بعد عودتك وارتياحك لفترة، نأخذ إجازة ونسافر جميعًا إلى روما، حتى تكون سافرت إلى بلاد العجائب، ثم الملاحم، ثم الكنائس، وتتعرف على الكاثوليكية في موطنها، وتتعرف على ما تسميه طريق السعادة. ومنها أكون تعرفت على المسيحية أكثر كما يريد توم، ثم أردف: يبدو أني غدًا سأخبر كاخ بموافقتي على الرحلة، وأتمنى ألا أسافر حتى تكون حالة الطوارئ التي تمر بالبلاد قد انتهت فهي مزعجة.. كما أنني لن أسافر إلا وقد اطمأننت عليكم، وعلى أن الإرهابيين المجرمين قد حوكموا. لا يزال البحث جاريًا عن الباكستاني الذي يعتقد أنه هو الذي فجر، وقد أمسكوا بمجموعة من أصدقائه ومن حوله. أين سيذهب لا بد أنهم سيقبضون عليه اليوم أو غدًا، كم أكره الإرهاب والقتل بكل صوره!
أربعة أيام كافية جدًّا. هل مهمتي محددة وواضحة؟ نعم.. شركة أورشليم الأمنية تود أن توقع معنا عقود حماية إلكترونية، وقد اتفقنا معهم على كل شيء تقريبًا. ولماذا لا نرسل لهم العقود دون سفر؟ المسئولة التقنية عندهم لديها أسئلة كثيرة؛ فهي تفصيلية جدًّا، والحقيقة أنه يجب إقناعها؛ فهي المعارضة الرئيسة للصفقة، والقرار الأخير لن يخرج إلا بموافقتها؛ فهي صاحبة الصلاحية. إذن يجب أن أتأكد من إلمامي بكل القضايا التقنية بالتفصيل، ولا بد أن أقرأ تفاصيل اعتراضاتها في المراسلات معهم. نعم، هذا مهم جدًّا.. وفي الآخر سيوقعون العقد شاءوا أم أبوا. تبدو واثقًا جدًّا! لعدة أسباب؛ الأول: أن الإسرائيليين لديهم فوبيا من (حماس) الإرهابية، ومن قدراتها المميزة حتى في التقنية، وقد يوقعون عقود حماية معنا ومع غيرنا. معهم كل الحق، الإرهابيون لا قلوب لهم، ألا ترى ما نحن فيه في لندن؟! لكن اليهود أكثر إرهابًا من (حماس) ومن غيرها! ربما، لا أعرف، كل الذي أعرفه أن الإرهابيين في لندن كانوا يتمنون أن يموت المئات أو الآلاف بلا أي رادع من قلب أو ضمير أو دين! دعني من الإرهاب الآن.. أما السبب الثاني: فهو أن ليفي مسئولة القسم التقني يهودية ومديرها يهودي. لم أفهم؟ لماذا كونها يهودية هي ومديرها يعني أنهما سيوقعان العقد. بما إنهما يعتنقان اليهودية فأنا أعرف بهم، ومديرها بنيامين يريد توقيع العقد معنا لمكاسب خاصة له، ولن ترفض المسئولة التقنية طلبًا له، وإلا سيقطع عليها طلباتها؛ فهي تطيعه تدينًا. وأنت ألست يهوديًّا؟! أمي يهودية؛ وبالتالي أنا يهودي، وهذا السبب الثالث؛ ولذا وافقوا على أن يوقعوا العقد معي.. وإلا فأنا علماني لا يعني لي الدين شيئًا إلا إن كان سيجلب لي المال والمتع... هههه، بالمناسبة ليفي صغيرة وعمرها 25 سنة، ومن أجمل نساء الدنيا، وإن أردت أن تستمتع معها فكلم بنيامين وستأتيك في نفس اليوم، أما بنيامين فقد اتفقت معه على 100000 دولار له شخصيًّا مقابل الموافقة على توقيع العقد. أليست 100000 كثيرة؟! كثيرة جدًّا، لكني زدت قيمة العقد إلى150000 دولار، ووافق مقابل أن يأخذ مبلغه. أي انحطاط هذا!! هذه خيانة للشركة وللبلد، هذه ليست تجارة! المال لدينا شيء آخر، ونحن اليهود التجار على الحقيقة، ولذا تجدنا مسيطرين على التجارة في كل العالم، فلا ينافسنا في حب المال أو التجارة أحد. كلامك يخيفني من الدين اليهودي، والشخصية اليهودية. هههه، يقولون: إذا سلمت على يهودي فعد أصابعك بعد السلام، فإن وجدتها كاملة، فتأكد من أنك ما زلت تعرف العدَّ بشكل صحيح.. المهم أعط بنيامين المائة ألف وسترى الأمور تتيسر. سنكمل حديثنا عن الاتفاق وطبيعته بعد أن أقرأ العقود والأدبيات. جيد.. واحجز بعد أسبوع من اليوم، وفي هذا الأسبوع سننهي اتفاقاتنا واجتماعاتنا.
من عجائب أخبار التفجير الإرهابي أن هناك احتمالًا جديدًا في مسؤولية التفجير! مجرد كلام للتمويه، لا يفعل ذلك إلا الإرهابيون المسلمون. حركة سيتا المنشقة هي المتهم الجديد. ربما المطلوب أن يخفف الإرهابيون من احتياطاتهم، حتى يتحركوا ويتصلوا؛ ليتمكنوا من القبض على الباكستاني، ولذلك أعلن هذا الإعلان. في عالم السياسة كل شيء وارد!
لم يأت اليوم. ألم تنته إجازته بعد؟ بلى، لكنه لم يداوم ولم يتصل، وليس هذا من عادته! ومتى تتوقع أن يأتي؟ لا أدري، يفترض أنه بدأ العمل اليوم، والغائب عذره معه. شكرًا لك، إذا جاء فأخبره أن جورج سأل عنه أكثر من مرة. حسنًا حسنًا.
أهلًا حبيبي، هل لقيت صاحبك آدم؟ لم أجده، ولم يأت اليوم لعمله مع أن إجازته انتهت! آمل ألا يكون تأثر بالحادث الإرهابي. آمل ذلك، هل من جديد؟ هل قبضوا على المفجر؟ للأسف.. الأخبار قبل قليل تتحدث عن إطلاق غالبية المعتقلين المسلمين اليوم! إطلاق الجناة! يقولون أن التحقيقات تؤكد أن المفجر من حركة سيتا المنشقة. هههه، ذكرتيني بما قاله لي كريم الله الشخص الذي لم أرتح له: “الإرهابي هو الذي لا يوافقكم ولو وافقكم لجعلتموه بطلًا”، يبدو أنه محقّ..! لست مقتنعة، وأعتقد أن المفجر هو الباكستاني، ألم يقولوا في البداية أن الكاميرات صورته؟! ربما يكون كريم الله محقًا، وهل أمسكوا المتهمين من حركة سيتا؟ نعم، ويقولون أنه عمل جنائي سياسي وليس إرهابيا. تغير الجناة وفهمناها، أما تغير أنه كان إرهابيًا ليصبح جنائيًا؟!! إرهابيا إذا كان المنفذ من المسلمين. هههه، هذا هو كلام كريم الله نفسه، المهم أن لندن أصبحت آمنة بقبضهم على المجرمين.
أخيرًا يا آدم، لقد أقلقتني عليك كثيرًا. هههه، كنت في مهمة قصيرة وانتهت قبل قليل. أنهيت أبحاثك؟ بل تعمقت أبحاثي، دعني من ذلك ما أخبارك؟ في خير حال، أريد أن أراك، هل آتيك الآن؟ أنا متعب قليلًا من المهمة التي أنهيتها، ما رأيك أن تأتيني في نهاية عملي غدًا؟ اتفقنا سأكون عندك قبل الساعة الخامسة، وسأدعوك على وجبة عشاء في مطعم السعادة. اتفقنا، أنتظرك غدًا.
تبدو سعيدًا بمكالمة النادل! نعم، لا أدري لماذا أشعر في كلامه بالصدق والبساطة والعمق! هل هو يهودي أم مسيحي؟ وهل هو كاثوليكي أم بروتستانتي؟ لم أسأله.. إذا رأيته سأبادره بهذا السؤال..
أين أنت يا رجل، أقلقتني عليك؟ هذا من لطفك، أعتذر لك كثيرًا، فلم يكن باستطاعتي الرد على رسائلك لظروف قاهرة... بشرني عن طريق السعادة؟ وعن إجابة أسئلتك؟ وعن رحلة الهند.. كانت رحلة الهند ثرية جدًّا، استمتعت فيها كثيرًا.. سنكمل حديثنا ريثما نصل إلى المطعم.. لا بأس.. أظننا قد اقتربنا..
جميل هذا المطعم.. يبدو أنه مطعمك المفضل.. اسمه يعجبني، فأنا أحب السعادة، وأشعر أنها مطلب كل عقلاء الدنيا، بالمناسبة صاحب المطعم غريب، من أي البلاد هو؟ قليلة مطابخ ماليزيا في بريطانيا، هذا مطبخ ماليزي، هل سبق أن سافرت لماليزيا؟ لا.. ماليزيا من البلاد التي آمل زيارتها، ولم يسبق لي ذلك، يقولون إن طبيعتها ساحرة كطبيعة أهلها، هذه الشعوب بسيطة جدًّا وسمحة جدًّا. البساطة أحيانًا تكون دليلا للعمق، وأحيانًا دليلًا على السذاجة. قطعًا هنا دليل على العمق، ماليزيا دولة متقدمة سريعة النمو وخاصة في مجالنا التقني. أعشق البساطة العميقة، ثم ابتسم وقال: أو العمق البسيط.. أكمل حديثك عن سفر الهند.. لنطلب طعامنا أولًا..
أجابت رحلة الهند على تساؤلاتي بوضوح، وأعتقد أني أسير إلى طريق السعادة. رائع! لم ينغص الرحلة إلا مشكلة توم وكاترينا التي أخبرتك بها، وأنا ممتن لك جدًّا لمشورتك؛ فقد كنت في حالة نفسية صعبة، ويغلب على ظني الآن أن كلامك كان صحيحًا. أي كلام؟ قلت لي: ربما لا تكون الشكوك صحيحة، فقد أخبرني توم بالقصة بالتفصيل، ولا أدري لماذا هذه المرة صدقته، وشعرت بأنه اختلف وتغير.
كل الناس يمكن أن يتغيروا ويتحسنوا متى ما أعطيناهم الفرصة.. ثم ابتسم وقال: وماذا عن المفاضلة بين الأديان السماوية والأرضية؟ بلا شك إن الأديان السماوية مقدمة على الأديان الأرضية. تبدو واثقًا! نعم، فقد رأيت من التخبطات في الأديان الأرضية ما لا يخطر على ذهن أحد، ثم ضحك وقال: تخيل هناك من يعبد الفئران، ومن يعبد الصراصير، ومن يعبد أحجارًا.. عالم غريب، لا شك أن الخالق الذي سيجيب على تساؤلاتي ليس فأرًا أو صرصورًا أو صنمًا أو حيوانًا. إذن تيقنت أنه دين سماوي؟ قطعًا هو ما جاءت به أحد الأديان السماوية، اليهودية أو المسيحية أو الإسلام... وما هي الخطوة التالية التي ستقوم بها؟ أتعرف على الأديان السماوية واحدًا واحدًا، وسأبدأ باليهودية.. بالمناسبة ما دينك يا صديقي؟ ماذا تتوقع؟ أنا اسمي آدم على اسم أبو البشر كلهم، واسم أبي على اسم أبي الأنبياء والأديان السماوية كلها (إبراهيم). كيف؟ آدم اسم أبو البشر كلهم، وإبراهيم اسم أبو الأنبياء؛ فمن نسله موسى وعيسى ومحمد. وأنت تتبع مَن مِن الأنبياء؟ ما رأيك أن نسير معًا في التعرف على الأديان الثلاثة، فربما أغير ديني! تبدو كاثوليكيًا كزوجتي.. هههه، ها قد وصل الطعام.. أتدري؟ يبدو أنك أثرت علي في ذلك، فقد اكتشفت أني صرت أكرر كلامك عن البساطة، رغم أن طبيعة الفلسفة أحيانًا هي تعقيد القضايا لا تسهيلها.. وطبيعتنا البريطانية ـ أحيانًا للأسف ـ نصعب الأمور بدلًا من تيسيرها. البساطة والسماحة والابتسامة والسعادة كلمات مقترنة دائمًا. وعلى منوال ذلك، التعقيد والتناقض والصعوبة والتعاسة والشقاء كلمات مقترنة مع بعضها..لم أقل لك: اقترحَ علي الطبيب توم أن أسافر لتل أبيب، وسأقرأ عن اليهودية لأتعرف عليها، فما رأيك؟ رائع، ستسافر للبلدة المقدسة! ألم أقل لك أنك كاثوليكيًّا؟ ربما يكون سفرك مثريًا ومفيدًا في التعرف على الأديان الثلاثة، وليس على اليهودية فحسب. نفس ما قالته لي كاترينا بالضبط لما أخبرتها بسفري لتل أبيب. ليس بالضرورة أن أكون كاثوليكيًا لأقول ذلك، فهذا مما تتفق عليه الأديان السماوية.. هذه أرض الملاحم، وأعتقد أن سفرك سيكون مفيدًا جدًّا لتتعرف أكثر على اليهودية وغيرها، وإن كان ذلك لا يغني عن القراءة. ماذا تعني؟ كم بقي على سفرك؟ أربعة أيام. أقترح أن تقرأ، وسأقرأ أنا معك كثيرًا عن اليهودية الدين العظيم. “اليهودية الدين العظيم”! هل أنت يهودي؟ يؤمن أتباع الأديان السماوية الثلاث بموسى عليه السلام فهذا ليس دليلًا، ولماذا لا نتناقش دون خلفيات، دعك من ديني، ربما أكون يهوديًا أو مسيحيًا أو مسلمًا! بمناسبة ذكر الإسلام، هذا دهن العود الذي طلبته مني. كم قيمته؟ هههه، مجانًا فقد جاءني هدية من مسلم، ولست مسئولًا إن كان ملغمًا أو مسمومًا كما حذرتني كاترينا. هههه، عندما أتطيب به أكون إرهابيًا إذن؟
عشنا هنا في لندن أيام رعب من الإرهاب بسبب التفجير، فإذا هو تفجير جنائي لا إرهابي. لماذا جنائيًا وليس إرهابيا؟ أمر مضحك، لا أعلم، يبدو وكأننا كما يقول لي أحد المسلمين في الهند: “الإرهاب هو من لا يوافقكم ولا يعجبكم”. الإرهاب هو الإرهاب، لا دين ولا دولة معينة يمكن أن توصف بالإرهاب، ألا ترى في ممارساتنا أحيانًا أننا إرهابيون في تعاملنا مع زوجاتنا أو أبنائنا، وكذلك الدول قد تتظاهر بحربها للإرهاب وهي في الحقيقة إرهابية في تعاملها مع الإرهاب، العنف والقتل الوحشي يتعارض مع أبجديات العقل والدين، ولو صدر عن أي شخص! يبدو أنك تتحدث عن سجن بعض المسلمين بلا ذنب في التفجير الأخير. بالفعل، وإلى الآن رغم التأكد من براءتهم لا يزال عدد من المسلمين في السجن، أليس هذا إرهابًا؟! بلى، ولكن لا أدري لماذا اعتقد كثيرًا أن المسلمين هم الإرهابيون. طبيعي جدًّا هذا التصور، فأنت وأنا ضحية للإمبراطوريات الإعلامية والسياسية الإرهابية. كيف؟ ماذا تقصد؟! تصوغ هذه الإمبراطوريات الإعلامية طريقة نظرنا وتصورنا للآخر بشعور منا أو دون شعور، أليست نظرة كثير من الدول المحتلة لمن تحتلهم وتقتلهم بأنهم برابرة يستحقون القتل! أليست نظرة شعوب لشعوب أخرى بأنهم قتلة ومجرمون، ونظرة أديان لأديان أخرى بأنهم قتلة وإرهابيون. صدقت، لكن تبدو متحمسًا جدًّا.. ثم ابتسم وقال: هل أنت مسلم؟ هههه، إذن انتبه حتى لا أفجرك أنت والمطعم؟ كنت أمزح معك يا صديقي. وأنا كذلك، تأخرنا هل ترى أن ننصرف وتوصلني لبيتي؟ هيا بنا.