هذا جانولكا يخبرني بالموعد مع القسّ غدًا.. لكن أين سنترك الأطفال؟ إما أن نأخذهما معنا، أو نتركهما في الحديقة المجاورة للكنيسة، فهناك حديقة رائعة. جيد، أظن ذلك أنسب.
أهلًا كاترينا أسمع عن جهودك الكبيرة في بريطانيا، وليحفظك الرب. هذا شيء مما تعلمناه منكم، ومما استفدنا من علمكم. أهلًا جورج.. لقد حدثني جانولكا عن تساؤلاتك، وعن إعجابه بعقلك، فتفضل ماذا تريد؟ لدي أربعة أسئلة، ولن أضيع وقتك، الأول: لم أفهم كيف يكون الرب واحدًا وثلاثة في نفس الوقت؟ لقد قرأت الكثير، وسمعت شروحًا كثيرة، ولم أصل إلى شيء، بل ـ وأعتذر لك ـ أشعر أحيانًا بأن المسيحية تشبه الوثنية!
والثانية؟ هل اليسوع من اللاهوت أو من الناسوت؟ وهل هو إله يُعْبَد أم عبد مقتول؟ وهل يحتاج الرب أن يموت ليخلصَ البشرية؟! ألا يمكن أن يخلّص البشرية وهو حي دون موت؟ والثالثة؟ الكتاب المقدس سواء العهد القديم أو الجديد، من كتبه؟ ومن ترجمه؟ ومن نقله لنا؟ ولماذا التناقضات بين نُسخهِ، بل وفي كل نُسخة منه؟ أستحي أن أقرأ كثيرا مما فيهما على أبنائي، فكيف يكون من ربي؟! والرابعة؟ هل تاريخ الأديان والأنبياء هو تاريخ القتل والفاحشة؟ أكره العنف والقتل، وأكره كل من يدعو لهما، لكني أتعجب من نظرة الكتاب المقدس للأنبياء والرسل، كما أتعجب من نصوص القتل والنهب!
لماذا لم تخبرني يا جانولكا بتساؤلاته سابقًا؟ لم يخبرني هو بها!
بُنيّ، أنت لا تستطيع أن تفهم إجابات هذه الأسئلة بهذه السهولة، كما أن توضيحها يأخذ وقتًا طويلًا، فلماذا لا تنصرف لعبادة الرب عن هذا؟ سيدي، أنا جئت لأتعلم منكم وأستفيد من علمكم، وما يطول في شرحه يستطيع العالم أن يختصر في توضيحه. حسنًا بُني، هناك في ديننا عدد من الأسرار التي يجب ألا تُناقش، كما أن هناك عددًا من النصوص التي يجب ألا تفهمها بنفسك فقط. سيدي بالنسبة للأسرار، هل يمكن أن نكون مأمورين باتباع دين من عند الله ويكون هذا الدين سرًا من الأسرار؟ هل يمكن أن تكون نصوص من عند الله لكل الناس ولا تُفهم إلا من قبل بعض الناس؟!
هل ممكن أن تتركاني مع جورج بمفردنا؟
هل تريدني أن أخرج أنا وكاترينا؟ لماذا هل هذا سر آخر؟! أريده في كلام خاص، فإن خرجتما أكون لكما من الشاكرين. كاترينا اذهبي إلى مايكل وسالي وانتظريني هناك، وسآتيكما بعد قليل.
بُني أنت رجل جريء جدًّا وشجاع جدًّا؛ إذ الشجاعة ليست هي الحرب، ولكنها الشجاعة الداخلية. شكرًا لك سيدي. بُني، سأكون شجاعًا معك، وربما تسمع ما لا تحب. تفضل، فليس الأهم أن أسمع ما أحب، الأهم أن أسمع ما أحتاج. ربما تستغرب، للأسف ليس هناك جواب حاسم في هذه القضايا. سيدي، ألا ترى أنه لا يجتمع الإيمان والشك؟ ما تقوله صحيح، لكني لم أستطع أن أجد جوابًا حاسمًا، لقد بقيت طوال عمري أبحث عن أجوبة لكثير من المسائل منها ما ذكرت، ولو أردت أن أجيبك بأي جواب لفعلت وما أكثرها، لكني وعدتك أن أكون شجاعًا وصادقًا معك، والحقيقة أني لم أجد لها جوابًا حاسمًا. وما الحل إذن؟ أنا لا زلت قسًّا؛ لأني لم أجد ما هو أفضل مما أنا عليه الآن، ووجود تساؤلات لدي في بعض القضايا أفضل من أن أكون شاكًّا في كل شيء، أليس كذلك؟ صدقت، لكن أن نجد أجوبة خير من ذلك كله. نعم، ولعلك تجد جوابًا، لكني أؤكد لك أنه لن يكون من داخل الكنيسة، فأنا لي أكثر من ثلاثين عاما وأنا قس في هذه الكنيسة، ولم أجد الجواب، هذا كل ما لدي. هل يمكن أن أسألك سؤالًا؟ تفضل. لماذا طلبت أن يخرج جانولكا وكاترينا؟
ربما تستغرب ما سأقول لك! هذا بسبب نقص الشجاعة عندي، لا يوجد أحد يحب أن يكون ضعيفًا جاهلًا أمام غيره، خاصة إذا كانوا يعتقدون فيه العلم، ثم إذا تركوا الكاثوليكية أو المسيحية ماذا سيكونان؟ ملحدين مثلًا، أعتقد أن وجود شكوك خير من أن تعيش في عالم الشك والحيرة. أعتذر، ولكن ألا يوجد من القساوسة والرهبان شجعان يصرحون بما تقول؟ مرّ بالتاريخ المسيحي عدد منهم، فإما أن يُقتلوا أو يختفوا أو يهربوا، الكتاب المقدس والبابوية قاسية. إذن أنت تؤيد العلاقة السرية بين الفاتيكان وأجهزة المخابرات، كما يؤكد ذلك إريك فراتيني في كتابه «الكيان خمسة قرون من الجاسوسية»؟ أبدًا.. غير صحيح، هو تحامل من بروتستانتي أمريكي على الكنيسة الكاثوليكية. وماذا عن الحقائق التي ذكرها؟ كثير منها للأسف صحيح، لكنه صاغها في صياغة تحاملية على الكنيسة الكاثوليكية وعلى البابوية. لكن اختراق المخابرات للفاتيكان حقيقة، أو بشكل آخر إن مخابرات الفاتيكان متغلغلة في العالم، أليس كذلك؟ للأسف نعم، لكنه ليس شيئًا عامًّا، وإن كان كثيرًا ما يحدث. ولماذا لم نرَ قسوتها على فضائح الرهبان والراهبات الجنسية؟ لا يمكن، فهذا أمر يكثر فيهم جدًّا، هل تتوقع أن تنشق الكنيسة من أجل أطفال؟! كما أن جزءًا من هذه القضايا الجنسية موجود في تعاليم الكتاب المقدس، ثم أردف: أنت قارئ مثقف؛ فاستغل ذلك فيما ينفعك يا بني، هل يمكن أن ننهي النقاش؟ سيدي ماذا أقول لكاترينا وجانولكا إذا سألاني: لماذا أخرجتهما؟
الحقيقة دائمًا ما تكون الأفضل. شكرا لك سيدي، سأفعل بإذن الرب، لقد استفدت منك كثيرًا. شكرا لك، ليباركك الرب، آمل أن أراك في قداس السبت المقدس، فاليقين خير من الشك.
لماذا أخرجنا؟ لأول مرة أرى لويجي يتصرف بلا لباقة!
اقترب وقت الغداء، فهل نحن قريبون من مطعم الفخامة الذي بجوار بيتك حتى نتغدى معا ونتحدث؟ نعم، هو على بعد خمس دقائق مشيًا على الأقدام. اسمح لي.. أود أن أذهب لألعب مع أبنائي ونتحرك بعد نصف ساعة للمطعم.. ما رأيك يا كاترينا؟ جيد، لا بأس، ولو كنت أتمنى أن تقول لنا في النصف ساعة ما دار بينك وبين القس، عمومًا بعد نصف ساعة سنعرف كل شيء.
نحن جائعون جدًّا لننطلق إلى المطعم. هيا بنا.
أحبائي.. ما رأيكما أن تأكلا في شرفة المطعم؟ وأنت وماما أين ستأكلان؟ لدينا موعد مهم، وأفضل أن تجلسا وحدكما في الشرفة؛ لتتحدثا معًا، وتتأملا المناظر الجميلة. حسنًا، هيا بنا يا سالي.
أين صاحبك المسلم؟ أخشى أن يطلب أن يتحدث معك وحدك وتتركنا.. عموما سيأتي بعد قليل لأخذ الطلبات. أنا لم أطلب منك أن تتركني مع القس، صاحبك القس هو من طلب ذلك. لكنك وافقته مباشرة. ههههه ألا تجب طاعة رجال الدين؟! المهم.. كان يريد أن يقول لي لا يوجد إجابة لأسئلتي، ولم يكن يريد أن تريا ضعفه وعدم معرفته.
لا يمكن ألا يكون لدى القس لويجي إجابة لمثل هذه التساؤلات البسيطة! أعرف أنه ليس لديه إجابات، وهو يعرف أني أعرف ذلك، فلمَ كان يريدنا أن نخرج؟ أشعر أن في الموضوع شيئا آخر. بإمكانكما سؤاله، فأنتما تعرفانه أكثر مني، وأظنه استحى أن يُخرج كاترينا لوحدها.
سيدي سليم مجتمع مع عدد من أصدقائه في مكتبه.. سأخبره بطلبك. عفوًا ما هي طلباتكم للغداء؟
سليم هل هو المسلم الذي أخبرتني عنه؟ نعم، وعندما تراه ربما تحسبه إيطاليًّا لأول نظرة.. وبالمناسبة هو يتحدث الإنجليزيّة بطلاقة. جيد، لعله يأتي بعد قليل لنسمع منه.
الآن لنعد إلى القس.. أنت تقول بأنه لم يستطع إجابة تساؤلاتك! نعم، بل يقول إنه طوال حياته يبحث عن إجابة لهذه وغيرها كثير، ولم يستطع أن يصل لإجابة مقنعة. مستحيل! القس الذي تتحدثين عنه يا كاترينا صديقي، وأعرف أنه لا يعرف إجابتها، فقد ناقشته فيها وفي غيرها مرارًا، لكن ما أستغربه هو لماذا أراد أن نخرج؟! هذا ما لا أعرفه! القس لويجي ستافينوا من أهم من كان يعينني على اليقين، فكيف تكون هذه الشكوك عنده؟!
تجربتي تقول: كلما ازداد علم القس، كان أكثر مرونة في الحديث الخاص، وازداد تأثيرًا في الخطاب العام بما يتناسب معهم. ماذا تقصد؟ ما سمعتِه منه هو الخطاب العام، وما يقوله في جلساته الخاصة شيئًا آخر، عمومًا أنا أتفهم هذا، ماذا تريدين منه أن يقول في خطابه العام؟! تريدين أن يقول: أنا لا نعرف الرب، أو أن الكتاب المقدس محرف أو مختلق؟!
لا، أريده أن يقول أن الرب الكريم الرحيم الواحد ولو كان له أقانيم ثلاثة، هو الذي أنزل الكتاب المقدس.
وماذا نفعل بتعارض الكتاب المقدس مع نفسه؟! هل تستطيعين أن توضحي لي بطريقة منطقية مقنعة كيف يكون الثلاثة واحد والواحد ثلاثة؟! آمل ألا تقولين لي ما يقولون في الكنائس، فقد سمعته ألف مرة ولم أقتنع به، بل مقتنع بأنه لا يصلح إلا للخطاب العام فقط.
ربما كانت الصدمة من القس أكبر من قدرتها على التحمل فحاول أن يغير الموضوع... ما رأيكما أن تؤجلا حديثكما، هناك رجل قادم إلينا. آه هو سليم.. مرحبا سليم، هناك من يريد التعرف عليك. مرحبًا بكم جميعًا.. مرحبًا بك يا جانولكا وبضيوفك. ضيفَيّ لم يجلسا مع مسلم من قبل، ويودان أن يجلسا معك. مرحبا، أنا من مصر، وأنتما من أين؟ من بريطانيا. المسلمون في بريطانيا أضعاف المسلمين في إيطاليا.
صحيح، ولكني وددت أن أتعرف إلى الإسلام منك، فهل كتابكم المقدس يؤمن بالعهد القديم والعهد الجديد؟ رغم أن معرفتي بالعقيدة الإسلامية يسير جدًّا ولكني سأجيبكما كما أعرف...نعم، يؤمن بهما، ولكنه ـ وأعتذر لكما ـ يعتبرهما محرفين. وهل تؤمنون بموسى واليسوع؟ نؤمن بأنهما نبيان من عند الله. وهل تؤمنون بالرب اليسوع؟ لا، المسلمون يؤمنون أنه رسول كريم وليس ربا. وكتابكم المقدس ما اسمه؟ وكيف وصلكم؟ اسمه القرآن، ووصلنا من النبي محمد.. ماذا تريدان أن تصلا إليه؟ نريد أن نتعرف إلى الإسلام وتعاليمه؟ أنا لا أعرف الإسلام أصلًا، ما أعرف هو السياحة والتجارة، لكن ماذا تريدون من الإسلام؟ فقط نحن مستغربون من العنف والإرهاب الذي لديكم؟ الإرهابيون الإسلاميون الذين لدينا يخربون كل شيء باسم الدين. تقول باسم الدين، أي الدين ليس فيه هذا الإرهاب والعنف؟ نعم، فالإسلام دين سلام وليس دين إرهاب، لكن المسلمون متخلفون متنطعون. مرة أخرى، هل الإسلام متخلف أم الإرهابيون؟ الإسلام ليس متخلفًا، لكن المسلمون متخلفون؟ لو كنتم مسلمين لما أمكن لزوجتك أن تجلس معنا لتتحدث هكذا، أليس هذا تخلفًا؟ لماذا لا يمكن أن أجلس معكم؟ لأنك يجب أن تتحجبي وتبتعدي عن الرجال، أنا في الحقيقة تركت مصر؛ لأبتعد عن هذا التخلف. وهل أهلك ودولتك يرون نفس رأيك؟ ههههه.. أبي وأمي وأصدقائي يقولون لي دائما: إن أفكارك خارجة عن الإسلام. لماذا؟ الإسلام يختلف كليًّا عن المسيحية، أنتم يكفي أن تصلُّوا السبت ولو أحيانا لتكونوا مسيحيين، أما نحن فمن لم يصل يوميًّا خمس مرات يعتبر خارجًا عن الإسلام، أنتم تنتقدون التوراة والإنجيل، أما نحن فمن تكلم عن القرآن فهو خارج عن الإسلام. هل يوجد أحد من أهلك هنا في إيطاليا؟ أسكن في إيطاليا وحدي منذ عشر سنوات، ورفضت أن أعود إلى بلادي، ولأول مرة قبل أسبوع جاء أخي وأمي وأبي، وسيسافرون بعد ثلاثة أيام. هل يمكن أن أراهم؟ نعم ممكن، لكن ـ أعتذر لكم ـ أنتم عندهم كفار. كيف؟ أنت تقول أن الله ثلاثة، وهذا شرك مع الله، فقد كفرت به. وما الجديد؟! نحن نقول إنهم كافرون؛ لأنهم لم يؤمنوا بألوهية اليسوع، فلن يضرنا أن نتقابل؟
جورج، ليس لدينا وقت يا جورج، لا تنس غدًا قداس السبت المقدس. سنجد الكثير من الوقت إذا كان وقتهم يسمح.. متى يمكن مقابلتهم؟ هم طوال الوقت إما في البيت أو في المطعم، أتوقع أن يأتوا بعد دقائق، وإن أردت في وقت آخر فسأجعلهم ينتظرونك.. وأكرر: لست مسئولًا عما يقولون لكم.
عذرًا..لم أفهم مقصدك يا جورج، ولكني أرى إن كنت مصرًّا أن تنتظر دقائق؛ حتى لا نضطر للعودة للمطعم. سأصعد لأرى مايكل وسالي، وأعود إليكم. انتظر، هؤلاء هم قادمون، فهل أدعوهم للجلوس معنا؟ أقترح أن تدعوهم، وسأرى الأبناء وأعود سريعًا. سأدعوهم، وتحملوا نتيجة الدعوة، فهذا طلبكم.. أمي، أبي، خالد تعالوا.. هناك من يرغب بالجلوس معكم. ماذا تريد يا سليم؟
خالد هؤلاء أصدقائي يريدون أن التعرف عليكم، تفضلوا. أعرفكم: هذا أخي خالد، وهذه أمي، وهذا أبي.. خالد يتحدث الإنجليزّية، وأما أمي وأبي فيفهمانها إلى حد ما، لكنهما لا يتحدثان بها، اسمحوا لي جميعًا سأتابع حواركم بصمت ولن أتدخل بشيء. مرحبا بكم جميعا، أنا خالد مهندس معماري، أخو سليم، وهذا أبي عبد الله، وهذه أمي عائشة. أنا جانولكا، إيطالي، أعمل في التجارة الحرة. وأنا كاترينا، بريطانية. أهلا بكم جميعًا.
معذرة.. ولكنّ أمّي لا تصافح الرجال، هي تقول لك أهلًا بك. أعتذر أنا، فأنا لم أكن أعرف ذلك. تعارفنا قبل أن تأتي، أنا خالد مهندس معماري أخو سليم، وهذه أمي، وهذا أبي. أنا جورج، مهندس حاسوب من بريطانيا، كيف رأيتم روما بلاد العراقة والدين والفن؟ بحكم أني مهندس معماري؛ فأبدأ بموضوع الفن، الفن في روما متفرد، فهي بلاد صاحبة حضارة، وصاحبة تجارب حديثة رائدة، وإن كان فيها شيء لا يعجبني. ما هو؟ الأصنام وتقديس الناس لها لا يعجبني؛ فهو لا يتوافق مع ما تربينا عليه في ديننا، فنحن نعتبر هذا من الوثنية وعبادة غير الله.
وهذا يدخلني لموضوع الدين في روما الذي سألتني عنه. عذرا على المقاطعة، ماذا تعني بتربيتكم في دينكم؟
أفهم من كلامك أننا مشركون؟ من يرى أن الله ثالث ثلاثة هو مشرك بالله عندنا.
لكن سليم وهو أكبر منك لا يرى ذلك، ويرى أن هذا القول تطرف. أخي سليم أكبر مني وله احترامه، ولا أود أن أختلف معه أمام الناس، ولكني شخصيًّا مقتنع جدا بما قلته.
وهل معنى ذلك أن موسى وعيسى كاذبان؟ معاذ الله، نحن نؤمن بصدق موسى وعيسى عليهما السلام، ونحترمهما ونجلهما، ونعتقد أنهما أرسلا من عند الله، وأنه أنزل عليهما كتبا.. بل نعتقد أن كثيرا من عقائدكم تحط من درجتهما. نحن نحط من قدر الابن يسوع! أنتم تعتقدون أنه قتل، أما نحن فنعتقد أنه لم يقتل، بل أليس بعضكم يرى أنه ابن زنا؟ ألستم أنتم من تعتقدون ذلك؟ وأنتم.. ماذا ترون وتعتقدون في اليسوع والعذراء؟ نعتقد أنه عبد الله ورسوله، وأنهم ما قتلوه وما صلبوه ولكن شبِّه لهم، وأنه مولود من أمه مريم عليها السلام بلا أب بمعجزة من الله، كما خلق آدم من غير أم ولا أب، ولذا تكلم في المهد، وأعطاه الله من الآيات الكثير؛ فكان يبرئ الأكمه والأبرص، ويحيي الموتى بإذن الله، ويخبر الناس بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم. إذن لديكم رؤية متكاملة لعيسى عليه السلام، وتؤمنون به، وتؤمنون بالعهد القديم والجديد؟ نعم، نؤمن بالتوراة والإنجيل وبكونهما أنزلا من عند الله. ولكن في الكتاب المقدس أن عيسى ابن الله! نؤمن أنها أنزلت من عند الله ولكنها حرفت، أليس في بعض الأناجيل لديكم أن عيسى عبد الله وليس ابنه وليس إله؟ لا، ليس لدينا شيء من ذلك.
أعتذر عن مقاطعتكما، لكن لدينا في أنجيل برنابا، وهو إنجيل كُتِب في القرن الخامس عشر عن طريق راهب كاثوليكي ارتد عن المسيحية، ولم تعترف به الطوائف المسيحية؛ لكونه اعتبر أن المسيح بشَّر برسول من بعده، وأن المسيح (عيسى) رسول من الله.
صحيح! ولماذا لم تعترف به الطوائف الكاثوليكية؟! نعم،لم تعترف به الكاثوليكية ولا البروتستانتية؛ وإلا فقد اعترفت به طوائف مسيحية أخرى، وكثير منها أسلم بعد ذلك، ولذا متهم أن من كتبه مسلم.
وهناك أدلة أنه الإنجيل الأقرب للصواب. ماذا تعني الأقرب للصواب؟ فهل هناك نسخ صواب وأخرى بعيدة عن الصواب؟
صدقت في كل ما تقول، لكن غالب المسيحيين لم يؤمنوا بهذا لإنجيل ولا بذاك.
أعتذر إن كنت أزعجتكم، وكل ما أقوله ناشئ من محبتي لعيسى عليه السلام، وللكتاب المنزل عليه من عند الله.
حياتي كلها فداء ومحبة ليسوع، ولذا نؤمن به وبكونه مخلصنا، ولذا سمينا مسيحيين. أنا لست عالمـًا في الدين، وإنما مهندس معماري، لكن يبدو أنك صادقة في حبك لعيسى عليه السلام، هل قرأت كتاب «حبي العظيم لعيسى قادني إلى الإسلام» تأليف الكاتب الفنزويلي الكاثوليكي الأصل سايمون الفريدو كارابيللو؟ لم أسمع بالكتاب أصلا، ولا أظن أن حبي للمسيح سيقودني لغير الكاثوليكيّة! وهل يضرك لو قرأتيه؟! ألست واثقة في كاثوليكيتك؟! لم أره، وإلا قرأته. هذه نسخة مني لك هدية، لا أدري لماذا أشعر أنك صادقة في حبك لعيسى عليه السلام، عذرا وليس مثل بعض ـ وأكرر بعض الرهبان والقساوسة ـ الذين يبدون أنهم زاهدون في الدنيا، وهم يتكسبون بحب عيسى. شكرًا لك.. سأقرأه، وأنا متأكدة من أنه لن يغير شيئًا في حبي لعيسى ولا في كاثوليكيتي. تقول إنك لست بعالم دين، ثم أراك تتحدث بلغة عالم الدين، بل بلغة الداعية لهذا الدين. الإسلام يدعونا لنكون جميعًا دعاة لهذا الدين، ثم ابتسم ونظر إلى أمه، وقال: ثم أمي لما أجبرتني على المجيء، قالت لي: وهي فرصة لتدعو للإسلام هناك، وأنا لا أعرف الإيطالية، وهذه كانت أول فرصة لي. عذرا، كل الناس يسعدون بالمجيء للغرب المتمدن المتقدم، والهروب من الدول المتخلفة، وأنت تقول أجبرتني؟! أوربا أكثر تقدما منا بكثير، وهذا ما يجعل المهاجرين يسعدون لأنهم استطاعوا أن يصلوا إليها، خاصة بسبب الاضطهاد السياسي والديني والاقتصادي في دولنا، لكني أعمل مهندسا في شركة جيدة، ولي دخلي الذي يكفيني، وبعد سقوط النظام الدكتاتوري عندنا في مصر وضعنا أفضل، وسيكون أفضل مستقبلا إن شاء الله. لكن أليس الاضطهاد الديني والسياسي لديكم سببه الدين؟ لا يمكن أن يكون الإسلام سبب اضطهاد أبدًا. أليس المسلمون هم من فجروا كنيسة القديسين في الإسكندرية؟ هكذا قيل في البداية، وصدَّق العالم كله ومنهم أنا، وإن كنت استغربت ذلك، وبعد سقوط الديكتاتور محمد حسني مبارك الذي يدعمه الغرب، ثبت أنه وجهاز مخابراته وراء التفجيرات، وأعتقد أنك سمعت الخبر الأول، ولم تسمع الثاني كعادة الناس في الغرب. لكنكم لا زلتم متخلفين بسبب دينكم!
يا خالد قل له إننّا متخلفون يابني بسبب بعدنا عن ديننا!
هل تفهم أمك وأبوك النقاش الذي يدور بيننا؟ نعم، تفهمه جيدا، وإن كانت لا تحسن الحديث، ألم يقل لكم ذلك سليم من البداية، لكن ربما قبل قدومك. هل يمكن أن أسألها؟ أمي تقول لك تفضل، وأنا سأترجم ما تقوله لك. ألا تتمني أن تكوني ملحدة أو يهودية أو نصرانية؟ الأم (ترجمة خالد :(أعوذ بالله، يا ابني، لا يوجد أحد يحب الضياع أبدًا. وهل ما نحن فيه ضياع؟ الأم (ترجمة خالد :(إن لم يكن ضياعًا فلا أعرف معنى للضياع، أنا سعيدة مكرمة معززة في الإسلام. لكن هل هذا رأيك، أم رأي كل المصريين؟ الأم (ترجمة خالد :(رأيي أنا على الأقل، وللأسف لدينا أيضًا من المتأثرين بكم من يرى الدين تخلفًا..
ولكن المرأة محتقرة في الإسلام! الأم (ترجمة خالد): من قال لك ذلك؟! أنا عمري خمس وستون سنة، ومع ذلك أستطيع أن أجبر ابني خالدًا أن يأتي معي ويطيعني بكل سعادة، رغم أني أعرف أنه مشغول ولا يود أن يأتي، ويزورني هو، وتزورني بناتي كل أسبوع ثلاث أو أربع أو خمس مرات، ويقدمون لي الهدايا، ولا يستطيعون أن يخالفوا كلمة أقولها أو يقولها أبوهم، هل تعرف إكرامًا كهذا؟ لا أعرف الإكرام إن لم يكن هذا هو الإكرام. لم أر أبي ولا أمي منذ ثلاثة أشهر.
ماذا تقول..؟ لا أريد أن أزعجك... أبدًا تفضل. تقول: مثل سليم الذي تعلم منكم، وأخذ من طبائعكم. ما أكثر من نراهم لا يتجاوزون شرب الخمر وقلة الأدب والذوق في بلادنا! الأم (ترجمة خالد :(في كل مكان أناس يفقدون بوصلتهم ويضيعون، ولكن متى عرفوا اتجاههم تابوا وعادوا إلى ربهم.
بابا، قلت لنا ستعود بعد ثلث ساعة، ولنا 45 دقيقة، ألن نذهب كما وعدتنا؟ أعتذر، شغلناكما عن أبنائكما. أوه، أنا لم أنتبه للوقت. شاكر لك سليم وخالد وعائشة وعبد الله.. أخذنا من وقتكم الكثير، هذه بطاقتي هل من الممكن أن تعطوني بطاقاتكم؟ أي بطاقات مع أمي وأبي؟! هذه بطاقتي أنا، وفيها بريدي الإلكتروني، هل أطمح أن ترسلي لي رأيك في الكتاب يا كاترينا؟ سأحاول، شكرا لك
التزمت الصمت كما قلت لكم، أعتذر عن كل خطأ في حقكم، لكنني قلت لكم من البداية وحذرتكم، ولكنكم مصرون. رغم مفاجئتي بما قالوا، ورغم حدة طرحهم، إلا أنهم كانوا جميعًا لبقون في الحديث، فلا تعتذر.. ههه، بل اذهب واعتذر لأمك لأنك لم تزرها منذ سنين.
يقولون في الأساطير الإيطالية هنا أن من رمى قطعة نقود هنا يعود إلى روما. بابا، أعطني قطعة نقود لأرميها. لا تصدقي يا ابنتي هذه الخرافات. أعرف أنها خرافات، ولكني أيضا أود أن أرمي قطعة نقود؛ لأقول أني رميت في نافورة تريفي. خذا هذه قطعة نقود لكي وأخرى لمايكل، وآمل يا كاترينا ألا تكوني خرافية.
وآمل ألا تكون أنت معقدًا.. بسط الأمور، مجرد نزهة.
ما بكِ يا كاترينا؟ لا شيء. ألم تعجبك النافورة والساحة التي حولها.. لم أركِ تضحكين اليوم وتتحدثين مثل العادة؟! بل كانت رائعة، لكن ربما كان ذهني مشغولًا قليلًا. بماذا؟ لماذا كنت تود أن تقابل المسلمين الذين قابلناهم؟ لأتعرف منهم على خزعبلاتهم وتخلفهم؛ حتى أجهز جوابا لتوم عندما يسألني عن المسلمين. لكنك كنت متفاعلا جدا مع كلامهم.
أنا الذي كنت متفاعلا؟!
هو يزايد على حبنا لليسوع. يبدو أنهم حقًا يحبون اليسوع وأمه. ماذا تقول؟! والاختلاف هو في ألوهية اليسوع، فهم يرونها شركًا وكفرًا ووثنية. ونحن نراها توحيدًا وعبادة. هههه، وهل ستقرئين الكتاب؟ لا أود قراءته. هههه، ولكنك وعدتيه أن تقرئيه، فهل أنت خائفة من قراءة الكتاب كما قال لك؟! ما هذا الكلام جورج؟! كتاب لا يقدم ولا يؤخر! صدقت.. فلماذا لا تقرئينه؟ وما الخطأ في ذلك؟ من قال لك أني أود قراءته. لأول مرة أراك ضعيفة في الحجة والدفاع عن الكاثوليكية، ولأول مرة أشعر أن كلامًا بسيطًا يهزك. لن أقرأ الكتاب. لتثبتي لنفسك أنك خائفة من الكتاب. إذن سأقرأه. ما بك كاترينا؟! لماذا هذا الضعف؟! لا أدري، منذ مقابلتنا للقس وأنا مضطربة داخليًّا، ربما أكون خائفة صدقًا من قراءة الكتاب. أنت لست خائفة، أنت قوية، بل أنت مثلي الأعلى في اليقين، أقترح عليك أن تقرئي الكتاب الآن؛ فهو يبدو صغيًرا جدًّا، وأنا سأرى بريدي الإلكتروني، فأنا لم أره بالأمس.
توم: هل تعني أن هذا سبب توحش براد؟! يبدو وصفا جيدا. ليفي: رغم معرفتك رأيي في هذا التوحش، لكن كلكم تؤمنون به، فمن يهاجم التوراة يهاجم الأديان السماوية كلها. حبيب: أتفق معه تمًاما، ولكن لاحظ أن المسلمين على عدم محبتي لهم يختلفون في إيمانهم بالتوراة. آدم: كلام خطير، فهل يمكن أن يكون من عند الله؟
«أنتظر اليوم تعليقكم على فكرة وليست نقلًا لنص: إن التثليث في المسيحية شرك، وإنه كلام لا يفهم، وإن الله واحد، وإن عيسى عبد الله ورسوله، أنتظر ردكم وتعليقكم باختصار. جورج»
هل انتهيتِ؟ لا انتظر قليلًا. أجِّلي الكتاب للغد، أريد أن أناقشك في بعض الموضوعات. دقائق فقط وأنهيه. تبدين متحمسة جدًّا للكتاب! دقائق فقط لو سمحت. سأنام إذن.
أعتذر، فقد كنت في نهاية الكتاب وأحببت أن أنهيه. يبدو أنه كتاب مقنع! إلى حد ما، قصة لا بأس بها. كنت أود أن نرتب عملنا في الغد. غدًا يوم السبت، ألم يدعُنَا القسيس لحضور القداس غدًا؟ نعم دعانا، لكن هل سنذهب؟ نعم سنذهب، هل نترك القداس في أقدس كنيسة؟ هههه، إذن حبك لعيسى قادك للكنيسة وليس للإسلام. رغم أن الكتاب مقنع إلى حد كبير إلا إنني سأصلي في الكنيسة غدًا. وأين سنترك أطفالنا؟ نأخذهم معنا للقداس. ألا تخافين عليهم من القس؟ لم أفهم؟ لا يمكن أن آخذ ابنيَّ للقداس؛ فأنا أخاف عليهم من القساوسة. تخاف عليهم من ماذا؟ أخاف عليهم من السلوك المتوحش للقساوسة؛ بسبب قراءاتهم المتكررة للعهد القديم والجديد. أنت تتحدث اليوم بالألغاز، هل من الممكن أن توضح لي ماذا تعني؟
ألم تقرئي عن فضائح الكنائس الجنسية؟ ألم تقرئي في القضايا التي رفعها الأحداث على الكنيسة؟ لا أنسى المقابلة مع أحد الذين اغتصبوا في الكنيسة، لقد كان الرهبان والقساوسة وحوشًا وليسوا بشرًا، ولا أود أن يتعرض مايكل وسالي لشيء من ذلك. ما بك يا جورج؟ أنا أذهب للكنيسة كل أسبوع أكثر من مرة، ولم يحدث لي أي شيء، ما هذه الوسوسة؟ هل سبق أن رأيت أو جلست أو تناقشت أو قرأت عن الفضائح الأخلاقية في الكنيسة؟ لا. دعينا نتفق على التالي، ادخلي اليوتيوب، وشاهدي المقاطع التي تحدثت عن ذلك، فإن كنت مصرة غدًا أن نأخذ أبناءنا معنا إلى القداس أخذناهما. سأتفرغ الآن لمشاهدة المقاطع من أجلك، وغدًا سنذهب للكنيسة جميعنا.. بدأت تستخدم نفس طريقة هذا المسلم الذي قابلناه في الحديث معي! ههه، ويبدو أنه كما أثر فيك حديثه، ستؤثر فيك المقاطع التي ستشاهدينها، تصبحين على خير يا حبيبتي. وتصبح على خير حبيبي.
أين سياحتنا اليوم؟ في أجمل وأفضل الأماكن. أين سنذهب اليوم يا أمي؟ فقد سألت أبي فقال: إنك ستختارين أين سنذهب اليوم؟ مفاجأة، سنخبرك بها أنا وأبوك بعد قليل.
أين سنذهب اليوم؟ هل شاهدت وقرأت عن الفضائح الجنسية في الكنيسة؟ رغم أني دائمًا في الكنيسة إلا أن ما شاهدت وقرأت أكبر من قدرتي على التصور، إن صح فهؤلاء وحوش وليسوا بشرًا. هل تعتقدين أن ذلك بسبب تعليمات بولس التي تفصل بين الإيمان والعمل الصالح؟ ولهذا اخترعت النصرانية عقيدة الفداء والخلاص. هل قرأت الكتاب؟ لا، إنما قرأت فقرة في الصفحة التي كان الكتاب مفتوحًا عليها، وما المشكلة لو قرأت الكتاب؟ لا مشكلة.. فقط استغربت، ولو قرأته لكان جيدا، فأنا لست خائفة، ربما هذه الفقرة التي تتحدث عنها بالذات تشكل مشكلة لي، ويمكن أن نفكر فيها لاحقًا، المهم ما رأيك أين نذهب؟ لا بد أن نحضر القداس في الكنيسة. لا بأس، ولكن بعد أن نذهب أولا إلى حديقة فيلا دوريا بامبيلي، وهي أكبر حدائق روما، بل ومن أجملها. أخاف أن نتأخر على القداس. هههه، لن نتأخر أيها الراهب. اتفقنا إذن.
اختيار رائع يا أمي، هذا اليوم من أروع الأيام. المكان رائع وجميل جدا، هل أعجبك يا سالي؟ نعم أعجبني كثيرًا. وسيكمل جمال الرحلة بذهابنا للقداس اليوم في الكنيسة.
لا أود الذهاب إلى الكنيسة.
هذا اختيار أمك، اسألها. بعد السياحة الطبيعية لا بد من السياحة الدينية والروحية. عذرا أمي، أنا لا أحبّ الكنيسة! ألا تحب أن تعبد وتشكر إلهك الذي خلقك ورزقك ورحمك؟ أحب أن أعبد ربي، ولكن بدون الذهاب للكنيسة. ما لم يتجه الإنسان إلى ربه ويعبده ويشكره فستضيق عليه الدنيا. هل أنتِ مصرة على الذهاب إلى الكنيسة؟
إن لم تعبد ربك وتشكره شقيت، ولا أظن أن العبادة مرتبطة بالذهاب إلى الكنيسة. سنذهب بعد أن ننتهي من الحديقة الرائعة، فاستمتع بها، ولكن إياك أن تترك عبادة وشكر ربك يا حبيبي. شكرا أمي شكرا أبي، لكن لماذا العبادة مرتبطة بالكنيسة فقط؟!
سالي تعالي وانظري إلى الطائر البعيد هناك.. هيا نذهب إليه..
كلام مايكل جميل جدًّا. نعم، لكن لمَ تجعلني سببا فيما لا يحبّه الأطفال؟ أليس الذهاب للقداس طلبك أنت؟! للحديث بقية أيها الفيلسوف البريء.
سنذهب الآن إلى القداس، وأريدكم أن تؤدوا الصلاة بخشوع، وأن تنتبهوا لأنفسكم. من أيّ شيء ننتبه لأنفسنا؟ من أي شيء، أو شخص أو عمل يؤذيكم أو يضايقكم. مثل ماذا؟ مثل أي شيء يؤذيكم أو يضايقكم، هل الكلام واضح يا سالي ويا مايكل؟! واضح جداّ ولا أدري لماذا تقوليه لنا؟! هل نحن سنذهب إلى الكنيسة أو إلى حديقة الوحوش المفترسة؟!
لقد جعلتني موسوسة، انتبه أنت لمايكل، وسأنتبه أنا لسالي. ليس لهذه الدرجة، يبدو أنك موسوسة بشدة.. ولكن حاضر.
شكرا ماما، لقد كان قداسًا رائعًا، كم أحب اليسوع! لقد كان سببًا لخلاصنا، بل وخلاص البشرية من الخطيئة.
ماما.. أليس هناك طريقة ليخلصنا الرب الرحيم من خطايانا دون أن يقتل اليسوع، لقد آلمني موت الابن اليسوع كثيرًا، فأنا أحبه؛ فبسببه تأتيني الهدايا في رأس كل سنة.
وأنا مثلك يا سالي.. ربما لأجل هذا لا أحب الذهاب للكنيسة، أو ربما لأني لا أحب القساوسة والرهبان. حبك لليسوع هو المنقذ والمخلص. ولا تنس يا مايكل العمل؛ فالإيمان وحده لا يكفي كما يعلمنا اليسوع.
كنت متوترة في الكنيسة! وكان واضحًا عليك عدم الاكتراث. نعم، كيف تريدينني أن أكترث بما لست مقتنعًا به؟ المهم سفرنا بعد غد، وأود أن نستمتع بما بقي من الرحلة، كما استمتعنا بالأيام الفائتة. أنا متعبة جدا، فقد تأخرت البارحة في النوم، وسأنام الآن. أنا سأرى بريدي الإلكتروني ثم أنام، هل من الممكن أن تعطيني الكتاب الذي أعطاك المسلم. هل ستقرأه؟! ربما، وما الإشكال في أن أقرأه؟ لا شيء، تفضل.. تصبح على خير.
حبيب: تعبت لأُفهم طلابي في الجامعة التثليث مع التوحيد فلم أستطع، ربما لأني لم أفهمه أنا نفسي، يوجد ما ذكرت عموما في نسخ قديمة جدا من الإنجيل. توم: تقول الرياضيات 3 ≠ 1، ويقول علماء المنطق: إن الجزء من الكل تابع في حكمه للكل، ويقول أبي: لا تتحدث فيما لا تفهم، وأقول أنا: حدثني بما يمكن أن أفهم لأرد عليك، هههه. آدم: إن قلنا إن عيسى عبد الله وليس شريكا لله أو ابنه؛ فهذا لا يعني انتقاص عيسى عليه السلام. ليفي: هذا مثل من يقول لدينا في اليهودية «إن عزيرا ابن الله»، أعتقد كلاهما كلام لا يفهم.
«الحلقة الثالثة: هل يمكن أن يكون بولس هو محرف العهد الجديد؟ جورج»
«عزيزي جورج..آمل أن تكون بصحة جيدة، جميع الموظفين في انتظارك، نتمنى أن نراك قريبًا». كاخ» * ملاحظة، لقد تغيبت عن العمل أكثر من أسبوع حتى الآن».
«واجه صديقي الباحث عن السعادة في هذه الفترة مشكلة صحية غريبة، وقبل أن أذكر ما تعلمته منه، أود أن أضع ملاحظات على ما حدث أثناء مرضه: المرض عادة ما يصاحبه ضعف، وحصل ذلك مع صديقي، وكنت خائفًا ألا يكمل الطريق، لكن صدقه وإصراره جعله يتجاوز ذلك، ولذا ينبغي للعاقل ألا يتخذ قرارًا مصيريًّا في فترة الضعف. كدت في فترة من الفترات أن أتجاوز، وأن أقول له طريق السعادة هو كذا.. لما رأيت ضعفه، ولكن الله سلم. تأكد لي أن الفترة القادمة على صديقي هي أصعب الفترات، ولعلي أوافيكم بالأخبار أولا بأول.
ونعود للدروس مرة أخرى، فلا يزال صديقي مصرًّا على أن يتعرف على طريق السعادة، وقد تعلمت منه الدروس التالية: أن الذين يحيطون بك إما أن يتأثروا بك أو تتأثر بهم أو تتصارع معهم، وما يحدد ذلك هو الصراعات الفكرية والعقدية، فكثير ممن حوله بدأوا يتأثرون به، وهذا يدل على قوة إصراره وصدقه، وعموما أظن أنه أصبح هناك أكثر من باحث، لعلي أبشركم قريبا بتعرفهم جميعا على طريق السعادة. الاتزان النفسي وعدم الحدية في التعامل مع الأفكار مهم جدا في السير إلى طريق السعادة، وهذا ما يمتلكه صديقي، وإن كان يفقده أحيانا تحت الضغوطات. أهمية التعلم، ويجب التعلم حتى لما تظن أنك تعرفه، فربما ما تعرفه يكون غير صحيح، فقد أعجبني في صديقي إصراره على التعلم لأشياء هو عليها من طفولته وبعقلية منفتحة. لدى صاحبي ـ للأسف ـ قدرة محدودة على الربط بين الحوادث والقراءات والمناقشات، وهي مهمة جدا للمقارنة بين الأفكار؛ للوصول إلى طريق السعادة. أعتقد أن صاحبي في الخطوات الأخيرة في طريق البحث عن طريق السعادة، وإجابة تساؤلات الحياة الكبرى، وسأوافيكم بالدروس القادمة قريبا. آدم»
«رغم صعوبة التحولات الفكرية إلا أني رأيت اليوم تجربة غريبة، فقد جلست اليوم مع طبيب نفسي ذكي جدا، وفيلسوف عبقري، لكنه يتقلب ويدور ما بين العقائد والأفكار، كان مسيحيًا ثم ألحد، وأصبح سيء الأدب والدين، درس البوذية والهندوسية واليهودية والمسيحية، ويريد أن يدرس الإسلام، لديه مشكلتان؛ الأولى: أنه يجعل الفلسفة حاكمة على كل شيء، قلت له: العلم حاكم، وليس أصولك الفلسفية الحديثة،لم يقتنع، وإن كان وعدني بأن يفكر في كلامي مرة أخرى، مشكلته الثانية: أنه يفكر في كل دين برواسب من كره كل الأديان، حملها من إلحاده ومن معرفته العميقة بتحريف الأديان التي درسها، فبماذا تنصحونني في التعامل معه؟ آدم»
استيقظ استيقظ، ههه، كل هذا من الكتاب. أوه.. يبدو أنك خائفة علي، اطمئني، لم أقرأ الكتاب. هههه، كل هذا وأنت لم تقرأه، فكيف لو قرأته! هيا استيقظ.
هيا استعجلوا.. اليوم هو آخر يوم لنا في روما، ونريد أن نزور أماكن كثيرة.
لم تقومي بشراء الصليب، فهل أصبحت لا تحبين المسيح؟ لم أزدد إلا حبًّا له، لكن الحب بالطاعة والعمل وليست بالصلبان فقط. هذا ما كنت أقوله لك منذ فترة، ليست المحبة بالصلبان والتماثيل والرهبان والقساوسة. دعنا من هذا الآن، أيها البروتستانتي المتعصب. أو ربما يكون حبي للمسيح سيجعلني مسلمًا إرهابيًّا، رغم أني لم أقرأ الكتاب. أظنك تصلح أن تكون إرهابيًّا، كما تصلح أن تكون هندوسيا تعبد البقر. هههه.
سمعتكما كثيرًا تتحدثان عن الدين، هل الدين مهم للناس؟ بلا شك يا مايكل. أحد أصدقائي في المدرسة يقول: إن الإلحاد هو الأصل، وإن الطبيعة هي التي خلقتنا، وإن التفكير الديني والتفكير في الدين هو من الأساطير القديمة البالية. وأنت ما رأيك؟ أعتقد أن بعض الأمور في الدين خرافة. فرق بين أن يكون الدين خرافة وأن يكون في بعض الأديان خرافة. لكن الخرافات في الدين كثيرة جدًّا، كما يقول صديقي. مثل ماذا يا صغيري؟! رغم أن الأستاذ في المدرسة شرحه أكثر من مرة، إلا أني لم أفهم عقيدة التثليث، ولا الفداء، ولا... ربما لصغر سنك يا بني، وعندما تكبر ستفهمها. يقول لي صديقي الملحد الذي حدثتك عنه: «إن من ستسأله سيقول لك إنك صغير، لكن صدقني إنهم جميعا لا يفهمون ذلك»، فهل أنت تفهمين هذه الأمور؟! نعم، نعم إلى حد ما. وأنت يا أبي؟ هههه، لا، لا إلى حدٍ ما! أشعر أن الموضوع صعب، فهل الرب يريد إرهاقنا لكي نفهمه؟
أوووف، أنت تصعب الأمور مثل أبيك، الأمر أسهل من ذلك يا صغيري.
رائع يا مايكل، لا يمكن أن يأتي الرب بشيء تستحيله العقول، فإن بدا ذلك لك فهذا يعني أنك يجب أن تتعلم أكثر لتفهم، أما كون الأمور تتحول لأسرار فلا تقبل ذلك. إذن أنت توافق صديقي الملحد يا أبي؟ أبدا، فالإلحاد أساطير تخالف العقل مخالفة كلية. لم أفهم يا أبي؟ هل يمكن أن يكون العالم وجد صدفة؟! وخلق الناس بالصدفة؟! الملاحدة لا يقولون ذلك يا أبي، فبعضهم يتحدث بعلم عن نظرية داروين التي درسناها في مادة الأحياء. نعم، نظرية داروين من النظريات التاريخية القديمة، أما الآن فقد ثبت خطؤها علمًا وعقلًا. كيف؟ يمكنك أن تسأل مدرس العلوم، هو أعرف مني بذلك وتفصيله، ويمكن أن أشتري لك كتابًا تفصيليًّا عن ذلك، يجب أن نعتمد على العلم لا على الأساطير، حتى لو بدت علمية. لكن المشكلة في أن الدين يخالف العلم. لا يمكن، فلا يستغني واحد منهما عن الآخر أبدًا. كيف؟ يمكن أن ألخص لك ذلك بمقولة أينشتاين: «العلم بلا دين أعرج، والدين بلا علم أعمى». تعني أن الملاحدة علمهم أعرج؟! بل جهلهم أكثر من علمهم، وما يعلمونه أعرج، كما أن الدين بلا علم قد يتحول إلى أساطير وأسرار؛ فلذلك هو أعمى..
زيارة مفاجئة، مرحبا بك. صديق القس مرحبا بك، لم نرك في القداس! لم أحضر القداس منذ قرابة السنة. كيف تصاحب القس إذن؟! يبدو أن القس مقدس جدا عندكِ، رغم عدم إجابته أسئلة جورج وتهربه منا، فقد تأكدت منه مما حدث.
وهل كنت تكذبني. لا أبدًا، لكن للتأكد, فقد كان تصرفا غريبا، ويبدو أنه كما قلت: لم يود القس أن يخرج كاترينا لوحدها.
ولماذا أنا بالذات؟! قلت لك هو يفرق بين الخطاب العام التي أنت أحد المستفيدين منه، وبين الخطاب الخاص، عمومًا.. لا أود أن أطيل عليكما، أظن سفركما غدًا. نعم. جئت لأودعكما، وأحب أن يستمر تواصلنا معا، فأنا سعدت بلقائكما. ونحن كذلك.. شكرا لك. ولدي طلب، هل من الممكن أن تعطيني الكتاب؟ فقد طلبته من صديقي وأخبرني أنها النسخة الأخيرة لديه. ألهذه الدرجة الكتاب مهم عندك؟! جلستنا في ذلك اليوم أثبتت لي أني لا أعرف عن الإسلام إلا كلامًا عامًّا، أو تقارير إعلامية، فقررت أن أفهم هذا الدين، وعنوان الكتاب شدني؛ فوددت أن أقرأه. سأصعد للغرفة مع الأبناء، وسآتيك بالكتاب.. هيا مايكل، هيا سالي.
ههه، إذن قررت دراسة الإسلام؟ نعم. وهل ستصبح مسلمًا؟ هل تتوقع أن أكون كالقذافي رئيس ليبيا السابق مثلًا.. أنا أدرس كل الأفكار بدون تمييز، واكتشفت أني لا أعرف الإسلام في تلك الجلسة، فرغم كثرة المعلومات عندي عن الإسلام إلا أنها كلّها غير موثقة. أنا لم أقرأ عن الإسلام، وسأقرأ في المرحلة القادمة، وللأسف لم أقرأ الكتاب، وكنت أود أن أقرأه. عذرا الكتاب لكما، وأنا أعتذر عن طلبي.
ألا تريد الكتاب؟ لقد أخذت موقع الكتاب على الشبكة الدولية، وهذا يكفي، تحياتي لكما.
حبيب: تاريخيًّا.. للأسف نعم. توم: إن كان محرفًا فلا يهمني من حرفه. آدم: سؤال ملغوم، لا أعرف من الذي حرفه. ليفي: ومن حرف العهد القديم إذن؟! ربما كانت المشكلة في الكتابة وتأخرها، وليس القصد التحريف.
«الحلقة الرابعة: بصراحة، هل لديك رغبة في التعرف على الإسلام؟ ولماذا؟ أنتظر إجابة مختصرة لو سمحتم.. غدًا مساء سأكون في لندن جورج ـ روما»
«إلى جميع الأصدقاء، أشعركم بأن صفحتي على الفيس بوك قد سرقت مني، وأنا أتفاوض مع الموقع لإعادتها لي، وأعتذر عن أي شيء مشين يظهر فيها، فهو لا يعبر عني. توم»
أحبك. وأنا أحبك أيضًا.. اقتربي مني.