ليفي: نعم، رغم كرهي للمسلمين الذين قتلوا أبي، لكن من أجل معرفة الشر الذي يسكنهم وكيفيّة السلامة منه. حبيب: نعم، فهو دين سماوي، ومع ذلك معلوماتنا عنه قليلة جدًّا. توم: نعم، ربما أجد فيه ما لم أجده في غيره. آدم: قطعا نعم، الموضوعية تقتضي أن نبحث ونتعرف على كل الأديان السماوية. جانولكا: نعم، فأنا أحب أن أتعلم وأتعرف على كل شيء.
«الحلقة الخامسة: لقد فاجأني أن إجاباتكم كلها نعم، وإن اختلفت الأسباب، ولذا فسؤال اليوم هو: أود أن يقارن باختصار كل شخص بين كتب الأديان السماوية الثلاثة (العهد القديم ـ العهد الجديد ـ القرآن) جورج ـ لندن»
ما الأمر؟ لا شيء، فقط أحببت أن أطمئن على وصولكم، وأود أن ألقاك، فمتى يمكن أن نلتقي؟ وصلنا قبل 45دقيقة، والوقت متأخر، هل يناسبك غًدا صباحًا، وإلا فتعال الآن؟ آسف لم أنتبه للوقت، أعتذر إليك، لم أنتبه للوقت، وسآتيك غدًا الساعة العاشرة صباحًا في منزلك. أنتظرك، ولن يكون إلا الخير بإذن الرب. شكرا لك جورج، وأكرر اعتذاري.
يبدو أن كل شيء خداع وتزييف حتى البراءة!
حبيبي أنا ذاهبة لشراء بعض أغراض المنزل، أستأذنك، سأخرج لشراء بعض أغراض المنزل.
آسف لإزعاجك، المسألة بسيطة جدًّا، لكنها مقلقة جدًّا. قل ما عندك. لقد بدأت المعركة مع براد بشراسة. ألم تكن تتوقع ذلك؟ بلى، ولكنها حرب قذرة. وهل تتوقع من براد غير ذلك؟ لا، دعني أكمل لو سمحت، لقد ساومني أن أكون متعاونًا معهم في عصابة بيع المخدرات أو الفضيحة، فرفضت التعاون، هددني وكرر تهديده فرفضت، وفوجئت قبل عدة أيام أن حسابي على الفيس بوك لا يفتح؛ فقلت لعله خلل فني في الموقع، ثم فوجت ببعض صوري السابقة غير الأخلاقية تظهر على حسابي. وهذا متوقع 100%، أليس كذلك؟ دعني أكمل لو سمحت، وبعد أن بدأ يظهر صوري كرر طلبه لي بالتعاون، فكررت رفضي، وهنا بدأ في عمل أقذر من السابق، لقد بدأ بتلفيق صور لي غير حقيقية، وإنزالها على الموقع. ثم ماذا تريد مني..؟ لا أعلم ما أقول، لكنه ركب صور كاترينا ونحن في الكنيسة على صور عارية معي. تريد أن تقول أن صور الخيانة التي على صفحتك في الفيس بوك ليست حقيقية؟ هي بالفعل ليست حقيقية. أظن التي تتكلم عنها زوجتي وأنا متأكد أنها صورها. نعم هي صورتها، ولكنها صورة مركبة وليست حقيقية. يكفي يا توم.. يكفيك تلاعبًا بي! دقق في الصور، وسيتضح لك التركيب. اخرج من بيتي.. اخرج! لا تظلمني وتظلم كاترينا يا جورج. اخرج.. اخرج.
ألو نعم يا آدم! مرحبًا اشتقنا إليك. ماذا تريد؟ لا شيء، فقط أحببت أن أسلم عليك! شكرًا لك، مع السلامة.
لا يوجد إفطار جاهز في الفندق مثل روما، هل أفطرت أم تريد أن أجهز لك شيئًا؟ لا أريد شيئًا. تشرب إذن كوبا من الحليب أو من الشاي؟ شكرًا. شاركني ولو بشيء يسير. قلت لك لا أريد شيئا ألا تفهمين؟ جورج ماذا هناك؟ لقد تكشفت الأقنعة يا كاترينا. أي أقنعة؟
انظري، أيتها التقية العابدة، أنت وحش صغير، ولو ترهبنت لأصبحت وحشًا كبيرًا كقساوسة ورهبان الكنائس، انظري..
توم رجل كذاب وقح، هذه ليست أنا. هل تريد الممثلة البارعة أن تكمل المسرحية؟ لتناما غدًا سويًّا... صدقني ليس أنا من يفعل هذا، هذه وقاحة وكذب من توم، ألم تقل لي مرارًا أنه رجل غير أخلاقي وملحد؟ ألست أنت من ألح عليّ بالذهاب إليه تحديدا؟ ألست أنت من علمتهِ الدين؟ ألست أنت من تقولين أنه تغير! لم أتوقع أن تشك فيَّ أبدًا..
انظر، الصورة مركبة بل واضحة التركيب هل هذا الصدر يصلح على هذا الرأس؟! نفس كلام توم، صورة مركبة، هو فصل جديد من المسرحية؟ انظر جيدا. ربما، لكني لا أحب أن أكون أبلهًا مرة أخرى، وأصدق تمثيلكما عليّ! كيف يقول توم أنها مركبة وهو الذي وضعها؟! جاء توم قبل قليل وقال إن براد سرق حسابه، وأنه هو الذي ركب هذه الصور انتقامًا منه. براد! ولماذا ينتقم منه؟ تكملة سيناريو المسرحية، أنه رفض أن يتعاون معهم في بيع المخدرات. لم أعد أفهم ما تقوله، لكني متأكدة من أن الصور مركبة، بل واضحة التركيب. يمكن أن تكون مركبة ويمكن أن تكون حقيقية، ألم يرسل لك توم أن حسابه على الفيس بوك سرق؟! أم أننا بدأنا فصلًا جديدًا في المسرحية؟! لم أر بريدي منذ سفرنا لروما، أعطني الجهاز أفتحه لعلي أفهم.
بل أنت الذي تخونني، انظر في الصور. أخونك مع من؟! مع توم، أليس هذا شذوذًا يا بروتستانتي؟!
لقد طردت توم من المنزل. تشك فيّ يا جورج؟! وقطعت مكالمة آدم ظنًا مني أنه يريد أن يكمل التمثيلية بالاتفاق مع توم! لماذا كل هذا يا جورج؟!
نصحني أكثر من مرة آدم بألا أتخذ قرارا في فترة غضب أو ضعف، لا أدري ماذا أفعل الآن؟! أعتذر إليك كاترينا، لقد أخطأت في حقك. فقط اعتذار بعد كل هذا!! وماذا تريدينني أن أفعل؟ لا أدري، لكن الاعتذار يكون بحجم الخطأ. أرجوك سامحيني، وسأنظر ماذا يمكنني أن أفعل مع توم وآدم. رغم أنك جرحتني جرحا عميقًا لم أتوقعه منك، لكني سامحتك بشرط أن تأخذ بوصية آدم التي ذكرتها. شكرا كاترينا، أنت طيبة القلب جدًّا، لا أعرف كيف أشكرك وأنسيكِ خطئي الكبير في حقك.. ثم قام وعانقها، ثم قال: سأتدبر أمري مع توم وآدم، فهل تسمحين لي أن أجلس لوحدي قليلًا؟ تفضل، رغم جرحي لكني أدعو الرب أن يمدك بعونه.
«عزيزي توم بعد ما حدث منك ومني وبلا مقدمات، أنا أخطأت في حقك وأعتذر.. أنت أتيت إلى منزلي واعتذرت، وكنت تتوقع مني العفو، عاملني بالمثل.. ولو أردت أن آتي إلى عيادتك وتطردني فأنا مستعد.. أكرر اعتذاري جورج».
آدم لقد أحضرت لك الحقيبة الفخمة جدًّا والرخيصة جدًّا. وهل وجدتها؟ وبهذه المواصفات؟ نعم، فمتى تزورني وتأخذها؟ ههههه.. الوقت الذي يناسبك حتى لا تكلمني كما كلمتني اليوم. أي وقت يناسبك، واعذرني فقد كنت في حالة ضعف وتوتر، لعلّي أخبرك بها عندما ألتقيك. زرني في المقهى؛ فمن فترة طويلة لم تزرني فيه. حسنًا.. سأزورك اليوم أو غدًا.
«اسمع ونفذ تعليماتي؛ لعلي أعفو عنك: تأتيني غدًا في العيادة الساعة الواحدة مساءً، وأنا أقرر أطردك بعد ذلك أم لا. لا تكرر هذه التصرفات الرعناء. أكد التزامك بالتعليمات في رسالة مباشرة بمجرد قراءتك لها. د. توم»
«عزيزي توم أنا موافق حتى لو طردتني فأنا أخطأت. جورج».
مرحبًا. مرحبًا، أكرر اعتذاري لكني كنت غاضبًا. لا بأس، ولكني نسيت شرطًا لم أذكره، ويجب أن توافق عليه.. ما هو؟ ههههه.. جورج انتهى كل شيء، كنت فقط أمثل عليك، وموعدنا غدًا في جلسة مهمة جدًّا. شكرا لك توم. فإن تأخرت فــ... هههه، أنا في انتظارك. سآتي في موعدي لتطردني.. وأكرر اعتذاري.
- سأذهب الآن لزيارة آدم في المقهى. - آدم رجل عاقل حكيم، ولو لم يكن عندي مشاغل لذهبت معك. - فعلًا، ولا أدري ماذا يستفيد من مصاحبتي؟! - الصداقة معنى لا يحتاج إلى تبادل فوائد بالمعنى المادي. ربما نتناول وجبة الغداء معًا، فهذه الفائدة الوحيدة التي يكسبها مني، فهو يعيش وحيدا.
أمامنا ساعة واحدة للذهاب والعودة وتناول الوجبة، اتفقنا.. الآن أخبرني كيف كانت معقل الكاثوليكية ومركزها؟ ألن تغضب لو قلت لك؟ يبدو أنك أصبحت حساسًا جدًّا، وما يغضبني يا جورج؟! لا يمكن أن أصدق العهد القديم أو أعتقد به؛ ولذا لا تناسبني لا اليهودية ولا الكاثوليكية والبروتستانتية ولا الإسلام. أولًا: لماذا هذه الحملة على التوراة؟ هل ذلك بسبب الفقرة التي أرسلت لنا؟ هذه واحدة، ولدي مثلها مائة سبب لأعتقد أنها محرفة. والعهد الجديد؟! مثلها، وإن كان أحسن حالًا. والقرآن؟! بما أنه يؤمن بالعهد القديم والجديد فهو مثلهما. أتمنى ألا تتسرع في إصدار الأحكام. رغم كل هذا، هناك بقايا إحساس لدي بأني سأجد الإجابة على تساؤلاتي. قطعًا ستجد الإجابة. المشكلة أنه إن لم يصح أيّ دين؛ فمعنى ذلك أن الحل في الإلحاد! لم ولن يصبح الإلحاد طريقًا للسعادة وإجابة لتساؤلات الحياة. إذن ما هو الطريق؟ استمر في بحثك وستجده.
هههه، ربما كان الإسلام أو دين الإرهاب! عندما سألتنا عمن يريد أن يتعرف على الإسلام كانت الإجابات التي أرسلت لنا رغم اختلاف الأديان نعم، فلماذا لا تريد أنت أن تتعرف على الإسلام؟! أنا أكثركم حرصًا على التعرف على الإسلام؛ لأسباب كثيرة أكثر مما ذكرتموه، يكفي منها أنه إن كان لا يصلح فلن يصلح أي دين. لا أرى أن تدرس أي دين بهذه الطريقة! وصلنا لمطعم السعادة فليتنا نصل لطريق السعادة، نكمل في الداخل.
سأكمل ما كنت أقوله إذا سمحت، لما تجهزت للسفر إلى روما، وأخذت في القراءة عن المسيحية ماذا قلت لك؟ قلت: تعامل بانفتاح ولا تضع أحكامًا مسبقة. وأنا أقول لك ذلك الآن، ولا أود أن تدرس الإسلام بغير هذه الطريقة. بدأت وأنا في الطائرة أفكر في الكتب التي سأقرأها للتعريف بالإسلام. تريد نصيحتي؟! ابدأ بقراءة القرآن قبل أي كتاب آخر. ولماذا لم أبدأ في اليهودية والمسيحية بكتابهم المنزل أولًا؟ لأن اليهودية لا تدعوك لقراءة العهد القديم، بل يخفون منه ـ قصدًا ـ بعض النصوص، والمسيحية لا تدعوك لقراءة العهد الجديد مباشرة، بل يجب أن تفهمه كما يفهمه الحاخامات والقساوسة. والقرآن؟! ألم أقل لك إنك لا تفهم الإسلام، الإسلام جعل القرآن هو الأصل في التعليم والبشارة والنذارة والتبليغ للمسلم وغير المسلم. آدم تبدو عالمـًا بالإسلام، هل درسته في دراستك للأديان؟ نعم. بصراحة ما رأيك به؟ مثلك لا يُملي عليه أحد رأيًا، اقرأ القرآن واتخذ قرارك بنفسك. بصراحة ما دينك؟ ظننتك في البداية يهوديًّا ثم كاثوليكيًّا والآن تبدو مسلمًا! أليس من الممكن أيضًا أن أكون بوذيًّا أو هندوسيًّا عندما قلت لك تعرف على البوذية والهندوسية، أود أن أؤكد لك أنه ما لم يكن لدى الإنسان انفتاح عقلي، وخروج من الصندوق المسيطر على رأسه؛ فلن يتطور أبدًا، كما أود أن أخبرك بديني ومذهبي بعد أن تتعرف على كل ما تريد في طريق السعادة، فربما كان هذا الطريق بديلًا للأديان كلها. لم يخطر في ذهني أن يوجد بديل للأديان أبدًا! اقرأ القرآن، ثم اقرأ ما كُتب عن الإسلام ونبيه، ثم حاول أن تقيم مقارنات بين الأديان كلها، القدرة على الربط بين الموضوعات والمعلومات التي لديك قضية مهمة جدا للنجاح. كيف أربط بين الموضوعات؟ حتى لا تفقد البوصلة التي تسير عليها، تذكر ما كرهته في البوذية أو الهندوسية، وتأكد أنه غير موجود في اليهودية، ثم غير موجود في المسيحية، والآن غير موجود في الإسلام، وما أحببته في البوذية مثلًا تأكد من وجوده في اليهودية والمسيحية والإسلام، وبذلك تربط بين الموضوعات. تعجبني النظرة الكلية المتكاملة بين ما أريد وما لا أريد. وانظر في التشابه الذي بين الأديان وفي الفروق أيضًا. للأسف إني أرى التشابه بينها أكثر مما أرى الفروق! الربط يزيد العقل والتفكير، وتأكد من أنك تربط في القضايا الكلية، وليس فقط في الأشياء الجزئية. لأني أرى التشابه؛ فأنا أرى أن كلهم يؤمنون بالعهد القديم، وأعتقد أن من يؤمن به مجنون حقيقة. لكن المسيحيين يؤمنون أن العهد الجديد جاء ليكمل العهد القديم ويؤمنون به؛ بينما لا يؤمن به اليهود، والمسلمون كما يؤمنون بهما يؤمنون أيضا أنهما محرفان، وأن هذا الموجود الآن ليس من عند الله، ويؤمنون بالقرآن، ويرون أنه ناسخ لما قبله، ألم تلاحظ أنها فروق كبيرة؟ نعم.. كبيرة جدًّا، طبيعتي أنظر في التشابه أكثر مما أنظر في الاختلاف، ولا أربط الموضوعات كثيرًا. رائع، معرفة المشكلة هو الحل، إذن قد توصلت لحل الموضوع، وستنظر بتكامل، إن كنت قد انتهيت من الأكل فيجب أن أتحرك حتى لا أتأخر عن العمل. نعم انتهيت، هيا بنا، وحتى لا أنسى؛ فحقيبتك الفخمة جدًّا والرخيصة جدًّا في السيارة. رغم أنك ضحكت عليّ فإنك أحضرتها طبقًا للمواصفات. صدفة كان هناك محل يقوم بالتصفية لبعض الحقائب، وكانت آخر حقيبة بهذه الفخامة. الصدفة تبين عجز البشر أن يعرفوا ما يمكن أن يقدره الله، للأسف إننا كثيرًا ما نستخدم كلمة «صدفة» عندما لا نعرف كيف حدث الشيء، وهذا يعني أننا نرى أنا عالمون بكل الكون، وعندما يأتي شيء لا نعلمه نقول «صدفة»، وكأن عدم علمنا يعني عدم وجود علم، وهو بلا شك نوع من الإعجاب والغرور المذموم.. أو ربما نوع من التأثر بالإلحاد من غير أن ننتبه لذلك. أتعبتني بفلسفتك وبدقتك في المصطلحات، هههه، قدر الله أني جئت وباقي حقيبة واحدة، هل نجحت في الاختبار؟ هههه، بشرط أن تكون الحقيبة فخمة جدًّا ورخيصة جدًّا. إذن نجحت، هذه هي الحقيبة، تفضل.
رائعة، لقد اجتزت الاختبار، وهذا يعني أنه يمكن أحيانًا ألا نعي الحقيقة بأذهاننا المجردة. لكن لا يمكن أن تكون الحقيقة مخالفة للعقل، إذ لا يمكن أن تكون الحقيقة الواقعية مخالفة للحقيقة العقلية، وإلا كان أحدهما ليس بحقيقة. صدقت، فارق دقيق، من إذن الفيلسوف؟! اليوم أخطأت في حق توم وطردته من البيت، واعتذرت له وصفح عني، وبالمناسبة غدًا جلستي معه. طردته من البيت واعتذرت له فصفح عنك! خلق راق،لم أكن أتوقع من توم أن يصل لهذا المستوى بهذه السرعة! ماذا تعني؟ توم كما ذكرت لي يتحسن، وفي الغالب إنه لا يصعد شخص من الحضيض إلى أخلاق القمة بسرعة. ألم تلتق مع توم بعد أن تعرفتما في المستشفى؟ بلى، أكثر من مرة. أكثر من مرة؟! نعم، في الحقيقة ارتحت له، ويبدو أنه ارتاح لي أيضًا. وما تقييمك له؟ ذكي، عاقل، يمر بفترة تحول كبيرة. يتحول من ماذا إلى ماذا؟ يتحول مما كان عليه إلى وضع أفضل. وما هو الوضع الأفضل؟ قد يكون طريق السعادة الذي تبحث عنه. ويجده.. ولم أجده أنا؟! ألست في فترة تحول كبيرة مثله؟ كأنك تغار منه ولا تريده أن يجده! المهم ماذا سيكون الأمر عليه في الجلسة؟ كالعادة. ما العادة؟ أنت أعرف بها مني. العادة أن يسألني عما سبق من قراءات ومناقشات، ونبدأ في المرحلة الجديدة. إذن هذا المتوقع. هل تتوقع أن أتناقش معه في النصرانية المحرفة؟ أو أن أدرس الإسلام المتخلف؟ نعم أتوقع هذا وذاك. ولكي أكمل بنفس الطريقة وبالعدل كما فعلت في الديانات الأرضية واليهودية والنصرانية أسافر إلى جبال تورا بورا، أما زلت بعقلك يا آدم؟ هههه، نعم.. أظن أني ما زلت بعقلي، كما تفضلت مقتضى العدل أن تسافر كما سافرت للديانات الأخرى.. ههههه، لكن ليس بالضرورة إلى تورا بورا. لست مسلمًا لأسافر إلى مكة، إلا في حالة أن أدّعي الإسلام، ثم أسافر إلى مكة. هل تتخيل أن تصل إلى طريق السعادة بالكذب؟! وماذا أفعل إذا كان الإسلام معقدًا؟ لقد ذهبت إلى روما وأنا لست كاثوليكيًّا، بل يمكنك الدخول للفاتيكان حتى لو كنت ملحدًا. أفهم ما تعنيه، فهل يمكن لشخص من مكة أن يدخل بريطانيا ما لم يستوف شروط الدخول؟ فهمت ما تعنيه، لكن الأمر مختلف. ليس هناك اختلاف، فإذا لم تستوف الشروط لا يمكن أن تدخل أي مكان في الدنيا، هل بإمكان فقير لا يمتلك شيئا أن يدخل مطعم السعادة ويأكل كما أكلنا؟ صحيح.. لكن ربما ليس لدي شروط أن أكون مسلمًا. ربما، ومن يدري. أنت اليوم غريب جدًّا، وقد اقتربنا من المقهى، لكن لي لقاء معك قريبًا. هههه، بكل سرور وحبور أنتظر اتصالك.. أو نتقابل في تورا بورا.
تفضل.. آسف العيادة مغلقة حتى تنتهي زوبعة براد ومشاكله، فهو لا يزال يثير علي كل الأطراف الشخصية والمهنية والنظامية. وماذا ستصنع؟ لا أدري، لكنها ستحل على كل حال. ولماذا لا تفاوضه؟ أفاوضه! على ماذا؟ لا أدري، المهم أن تكف شره وأذاه. شره وأذاه خير مما يدعوني إليه، العجيب أني رغم أذيته الشديد، إلا إنني أسعد مما كنت رغم خدماته الكبيرة! الحياة مليئة بالمفارقات والعجائب، راهب يعمل الفاحشة، ونبي يتعرى، وإله يقتل، ومع ذلك يجب ألا نعترض أو ننتقد! دعنا ندخل في موضوعنا إذن، كيف رأيت الكنيسة الكاثوليكية بصراحة؟ بصراحة رأيتها على حال لا يمكن أن يصدقها عقل! ربما هذا لأنك ببروتستانتي! والكنيسة البروتستانتية تشبهها كثيرا، أعتقد أن المشكلة ليست في هذا أو ذاك، المشكلة... المشكلة في ماذا؟ بصراحة المشكلة في الوثنية. الوثنية؟! كم أرهقني التفكير في هذا، لكن هذه الحقيقة، وثنية البابوية، وثنية التثليث، وثنية الأصنام، وثنية... ربما تقصد أن المشكلة في الكنيسة؟!
لا، المشكلة الحقيقية في الكتاب المقدس نفسه، سواءً العهد القديم أو الجديد، ولحل هذه المعضلة رأت الكنيسة الكاثوليكية ألا يقرأ الكتاب المقدس إلا رهبانهم، وهم الذين يوضحونه، ورأت الكنيسة البروتستانتية أن تقرأه وتتفلت منه كما تشاء. تحليل دقيق، لكن ما سبب ذلك من وجهة نظرك؟ السبب أن الذي كتب الكتاب المقدس عدّل فيه، ثم اجتمع القساوسة والرهبان وعدّلوا، ثم عُدِّل وعُدِّل، ولم يعد هذا الكتاب المتناقض والذي يخالف الحقيقة العقلية من عند الله. ولماذا لم يكتب من أيام المسيح؟ لأن المسيحيين كانوا مضطهدين ملاحقين؛ ولذا لم يكتب إلا بعد وفاته بمدة طويلة وعلى يد أشخاص غير معروفين تاريخيًّا ومختلف فيهم، وبلغة أخرى غير لغة المسيح عليه السلام، المهم أنها معضلة لا يمكن الخروج منها أبدًا، ولذا كثرت التناقضات فيها وبين نسخها؛ بل وفي النسخة الواحدة، والتناقضات مع العقل والمنطق والواقع والعلم.. يكفي هذا، يبدو أنك متحامل على الكتاب المقدس! لست متحاملًا أبدا، لكن صدقني حاولت أن أطيع الكتاب المقدس وأسلم له وما استطعت! وضح لي كيف؟ سأعطيك مثالين، الأول: لأؤمن بكل ما ورد في الكتاب المقدس أنا مضطر أن ألغي عقلي، فإن ألغيت عقلي لم أفهم معناه أصلًا. فلسفة جميلة وعملية.. عقلية رائعة. ثانيًا: لو قررت أن أفهم وأسلم وألغي عقلي؛ فالكتاب المقدس يقول لي إنه ليس لي! كيف ليس لك؟! وضح. أليس في الكتاب المقدس قول اليسوع: (لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ)، وأنا لست من بني إسرائيل، إذن هو لم يرسل لي أصلًا. إذن أنت لست مسيحيًّا؟! ربما، صدقني لا أدري.. أخشى أني أصبحت ملحدا بسببك! كانت هذه خطتي لتصبح ملحدًا، وأخشى أنها تكون قد نجحت، ولكني قطعًا تغيرت عما كنت عليه، وأكرر لك بحكم أني أَعْرَفُ منك على الأقل بالإلحاد، فلا يوجد إلحاد حقيقي؛ إنما هو ادعاء للهروب من مثل هذه القضايا، فبإمكانك أن تهرب بالإلحاد، أو بالخمر، أو بالجنس، أو بأي شيء آخر، لتعيش أسوأ وأنكد حياة، فهو هروب من حقيقة أكثر من كونه حقيقة داخلية. نعم يبدو أن خطتك نجحت للأسف، أخشى أن أفقد الأمل في الوصول إلى طريق السعادة. ربما نكون لجهلنا تجاوزنا شيئا لم نمحصه أو لم نفهمه، على كل حال اتفقنا ألا نتخذ قرارًا حتى ننتهي. ماذا تعني بقولك: لجهلنا تجاوزنا شيئًا دون فهم؟! هذا هو نفس منطق الكاثوليك. صحيح إلى حد ما، لكن ألا يمكن للعقل والمنطق أن يتقبل فكرة أننا أخطأنا، أو أننا عرضة للخطأ على الأقل؟ بلى، العقل يقبل ذلك، بل خلافه هو غير المقبول، واعتبار أنك دائمًا على صواب هو لذي خلاف العقل. هههه، جيد.. إذن الكاثوليكية تتناسب مع العقل.. المهم أننا اتفقنا ألا نتخذ القرار حتى ننتهي. أرجو ألا تكون هذه مقدمة كالعادة؛ لتقول لي نبدأ بدراسة الإسلام. قطعًا.. سأقول لك ذلك، بل أنا قد بدأت بدراسة الإسلام، وأجاهد نفسي أن أدرسه بانفتاح، ألم أقل لك أني أصبحت أبحث معك عن طريق السعادة؟
يبدو أننا بدأنا طريقا لا نهاية له. لقد بدأت بالأمس في قراءة القرآن، كتاب المسلمين المقدس. هههه، حتى أنا حاول آدم أن يقنعني أن أقرأه، ولم أرد عليه، لكني أشعر بأني أضيع وقتي. آدم هو الذي أعطاني نسخة منه مترجمة إلى اللغة الإنجليزية.. فهو يتوقع أني عندما أقراها ربما أدخل في الإسلام. يريدك أن تدخل في الإسلام! وما مصلحته في ذلك؟ كل الناس يدعون إلى ديانتهم وأفكارهم. لم أفهم! ماذا تعني؟ ما الشيء الذي لم تفهمه، آدم يريدني أن أدخل في دينه، ما الشيء غير الواضح؟ آدم مسلم!!! نعم، واضح من شكله فهو عربي، ألا تعرف ذلك؟ نعم، لم أكن أعرف، فاسمه غير عربي، وكان يغلب على ظني أنه كاثوليكي من أصول هندية، أخشى أن يكون آدم يتلاعب بي. أما اسمه فاسم أبو البشر جميعًا، وموجود عندنا وعند العرب، وأما أنه يتلاعب بك فلا أظن، إلا إذا كان قد كذب عليك، فهل سألته وكذب؟ سألته ولم يجبني أكثر من مرة، المهم هل كان يوجهني لأصِل إلى الإسلام؟ لا أحب أن أكون مغفلًا. هل إذا دعاك لدينه تصبح مغفلًا؟! لا، ولكني أخشى.. لا يوجد شيء لتخشاه، إلا إذا كنت تخشى أن تدخل في الإسلام؟! نعم أخشى أن أساق إلى شيء بدون علم أو عقل. وهل أنت ضعيف لدرجة أن يسوقك آدم، ولم يستطع القساوسة ولا غيرهم أن يسوقوك ويقنعوك؟! أم أن آدم قوي إلى درجة كبيرة تجعلك خائفا منه؟
لا هذا ولا ذاك، لماذا تكلمني هكذا؟! لأنك تحولت من أسد على كل الأديان إلى أرنب خائف من الإسلام. لست خائفًا، وسأدرس الإسلام.. وبمناسبة حديثك عن تحولي، فإن آدم يكتب عن تحولاتك. تحولاتي؟! أنا لا زلت لم أنته من براد، فماذا يكتب هذا هو الآخر؟ ادخل صفحته على الفيس بوك واقرأ ما كتب. سأرجع إليه، لكن دعنا من هذا، المهم ستدرس الإسلام بعقلية منفتحة كما درست الأديان التي قبله؟ نعم، اتفقنا. وستنقده كما نقدت ما قبله؟ نعم، بل أشد. لا، هذا ليس الانفتاح الذي نتحدث عنه، فمعنى قولك أشد انتقادًا؛ أي أكثر تحاملًا وانغلاقًا، تعامل معه بانفتاح كما تعاملت بالمثل مع الأديان الأرضية أو اليهودية أو المسيحية.
هههه، هل تريدني إذن أسلم ولا أنتقد؟! بل أريدك أن تكون منفتحًا، حريصًا على العلم، ثم انقده بأريحية كما انتقدت اليهودية أو المسيحية أو البوذية. لكني نقدت ما ذكرت بقوة وكشفت زيفها بالنسبة لي على الأقل. واكشف زيف الإسلام كما كشفت زيفها أيضا، وإن كنت أستحسن أن نتعلم، ونترك القرار بعد ذلك، فقد يتضح لنا شيئًا لم يكن في أذهاننا. وبعد كشف زيف الإسلام وتناقضاته، ماذا سنصبح؟ هل سنعود للإلحاد؟ لا أدري؟! كل ما أعرفه أنه قد يبدو لنا شيئًا غير متوقع كما قلت لك سابقًا. بما إنك قد بدأت بقراءة القرآن، فكيف وجدته؟ بدأت بالأمس، ولم أقرأ إلا شيئًا يسيرًا جدًّا، ولكنه ممتع. ههه، يبدو أني بدأت أوسوس، وأخشى أن تكون أنت أيضا مسلمًا. لا.. اطمئن أنا لست مسلمًا. إذن أنت ماذا؟ أنا مثلك، لا أدري، أشعر بأني أتقلب بسرعة. نفس كلام آدم عنك، أنك تتحول. ربما كان كلامه حقًّا، سأقرأ ما كتب عني اليوم، ولكن ما اسمه الكامل حتى أجده على الفيس بوك؟ لديك بريده ستجده في رسائلي، يمكنك بذلك أن تجد صفحته. جيد، المهم أننا سندرس الإسلام بانفتاح. هههه، وسنذهب إلى أفغانستان أو تورا بورا بانفتاح. لا أدري لماذا تتحدث وكأنك متأكد من أنك ستتحول للإسلام؟ مجرد سخرية لا أكثر ولا أقل. بالمناسبة ألم تتشاجر مع كاترينا بخصوص رأيك في الكاثوليكية؟ نعم، يبدو أنها استسلمت لي. لما ذهبت للكنيسة؟ كنت أشعر بصدق تعبدها وحبها لليسوع. نعم، نفس شعوري، لكن الصدمات التي جاءتها من الكاثوليكية وعقائدها كبيرة.. تخيل أنها ارتبكت كثيرًا عندما قابلنا مسلمًا في روما!! وارتبكت كذلك عندما عرفت أن القس الذي علمها الإيمان واليقين لا يعرف إجابة شكوكي! كم يعجبني تدينها! إذن تحول للكاثوليكية. وكم أكره التناقض ومخالفة العلم! ههههه، إذن تحول للإسلام؟! واذهب إلى جبال تورا بورا. صدقني لو اقتنعت بالإسلام وكان شرطه أن أذهب لتورا بورا لفعلت. أحب العزيمة القوية، لكني للأسف لا أرى نفقًا في نهاية الطريق. ولا أنا، لكني متأكد أنه سيظهر ولو فجأة، أما كيف؟ فلا تسألني، لكني واثق. لدي شعور وواثق مثلك. لم ترسل لنا تلخيصًا لإجاباتنا على رسالتك كالعادة؟ صدقت..لم أر البريد في الأمس بسبب صورك، سأرسل اليوم، واليوم سأنتبه لإجابات آدم أنها إجابات مسلم. كان واضحًا من إجاباته السابقة. ربما، لكني لم أنتبه، عمومًا ربما لذلك كتب عني أني لا أربط المواضيع والأحداث والمناقشات والمعلومات. الربط مهم جدًّا. نفس كلام آدم، تبدو معجبًا به. لم أكن أعرف أن هذا رأيه، حقيقة لست معجبًا برأيه بقدر ما أنا معجب باتزانه الداخلي. اتفق معك في اتزانه الداخلي، وأنا معجب برأيه أيضا، بالمناسبة هل أزلت أجهزة التنصت التي وضعها لك براد؟ نعم، كم أتمنى أن أنتهي من براد وموضوعه، فهو يربطني بعالمي القديم التعيس! ستنتهي منه قريبًا، هل تأذن لي بالانصراف؟ نعم، فقد انتهينا من جلسة اليوم، وقد كانت في نظري من الجلسات المهمة الجيدة.
إذن سنبدأ بالإسلام، وسأعود إلى عملي وسأقابل كاخ، كم أكرههما! ما هما اللذان تكرههما؟ الإسلام وكاخ. عدنا للتحامل مرة أخرى. أوه.. لم أنتبه، هههه، الصحيح أن أقول كاخ والإسلام.. أيّ شيء ينتظرنا يا ترى!
ليفي: لم أقرأ القرآن، ولكني أظن أن الأديان الثلاثة متشابهة جدًّا. حبيب: متشابهة من جهة أنها كلها من عند الله، لكن القرآن يختلف في ثبوت كتابته ونقله من جيل لآخر، ولكني لم أقرأه بتأنٍّ. آدم: كلها من عند الله، وللأسف حرفت التوراة والإنجيل. توم:لم أقرأ القرآن لأقارنه بالتوراة والإنجيل. كاترينا: العهد القديم والجديد من عند الله، ولا أظن القرآن كذلك، وإن كنت لم أقرأه وربما أفعل ذلك. جانولكا: بدأت بالأمس بقراءة القرآن لأول مرة، وأرى أنه مختلف عن التوراة والإنجيل، وإن كنت لا أعرف في ماذا.
«الحلقة السادسة: مَن يستطيع منكم أن يقرأ القرآن، وأن يبحث في قضية محددة، وهي ثبوته أو عدمه، وتحريفه أو عدمه، وأنتظر نقدكم له خلال أسبوع من اليوم جورج».
رغم أننا تقابلنا، لكني اشتقت إليك وأود مقابلتك مرة أخرى، فهل يناسبك غدًا؟ لا بأس، ولكن بعد الساعة الثامنة، فدوامي لا ينتهي غدًا إلا الساعة الثامنة، ههههه، ونتعشى معًا. مناسب، فأنا سأعود للدوام لأول مرة غدا؛ فمنذ قرابة الثلاثة أسابيع لم أر وجه كاخ. أنتظرك إذن، مع السلامة.
عادت كاترينا إلى المنزل، لتجد جورج شاردًا أمام شاشة الحاسوب، فقبلته، ثم ربتت على كتفه..
حبيبي أعتذر عن التأخير، لكنّي ذهبت إلى مركز التسوق؛ لإحضار بعض الأغراض المهمة، فالمنزل خالٍ منذ عدنا من السفر.. يا لها من سفرة جميلة. نعم، رائعة جدًّا، وأروع ما فيها هو أنتِ. شكرا لك على هذه الكلمات الرقيقة، انتهت الرحلة سريعًا. كل الأشياء الجميلة تنتهي سريعًا، وتبقى اللحظات الكئيبة طويلة مملة، حتى الكتاب الممتع تنهيه في جلسة واحدة أحيانًا، والكتاب الممل تجلس معه أيام بل وأسابيع.. لذلك أنهيت الكتاب الذي أعطاك إياه خالد في جلسة واحدة. تعني كتاب «حبي العظيم لعيسى أدخلني الإسلام»؟! لم يكن ممتعًا بقدر ما كان مثيرًا جدًّا. ولذا تفكرين أن تقرأي القرآن، كما في رسالتك التي أرسلت؟ بالفعل، ولقد اشتريت نسخة من القرآن بالأمس، من أجل أن أقرأها. ههههه.. أووووه، هذا تغير خطير يا كاترينا، كاترينا تقرأ القرآن! هل ستصبحين مسلمة؟ سأقرأه؛ لنقده وبيان عيوبه وتناقضه. أرسلت لكم قبل قليل طلبًا بأن نقرأ جميعًا القرآن، عجيب هذا التوافق، أما أنا فسآخذ نسخة من آدم غدًا. ولماذا من آدم بالذات؟ هو كتابهم المقدس. هل آدم مسلم؟! ألم تقل لي أنه كاثوليكي؟! كانت مفاجأة لي حقيقة لما عرفت أنه مسلم، وسأقابله غدًا من أجل هذه القضية بالذات.
رغم ارتياحي لآدم لكني لا أرتاح للمسلمين، ربما ارتحت له؛ لأني حسبته كاثوليكيًّا. وهل ما تقولين من العدل والمنطق في شيء؟ أليس المفترض أن نقيمه بغض النظر عن معتقده؟ لا، من أهم معايير التقييم الدين، هل تريدني أن أعامل مؤمنًا كاثوليكيًّا مثل مسلما إرهابيا؟! ألسنا نعامل المثقف أفضل من غيره، ونعامل الخلوق أفضل من سيء الأدب والخلق؟ الخلق والثقافة والديانة هي معايير تقييم بلا شك. ممكن، لكن يصح ذلك لو كنت تعتقدين أن دينك لا شك في صحته، كما لا شك في صحة الخُلق الحسن والثقافة، فهل تعتقدين ذلك؟ إلى حد ما، لكن هل الدين عندك أقل درجة من الخلق الحسن والثقافة العالية؟!.. هههه, يبدو لديك لوثة إلحادية يا جورج. ربما، لكن لماذا كنت خائفة على سالي ومايكل في الكنيسة؟ هل كانت لديك لوثة إلحادية أيضًا؟ لم أكن خائفة من شيء، أنت تتخيل وتصدق نفسك، ثم من ماذا أخاف؟ كنت أمزح معك فقط، فأنت لم تكوني قلقة عليهما في الكنيسة، ولم تكوني خائفة من الكتاب الذي أعطاك المسلم، المهم أين الكتاب لأني لم أقرأه؟ أفهم تلميحاتك جيدًا، كل الناس يؤثر فيهم ما يسمعونه وما يقرؤونه وما يفكرون فيه. سأسلك سؤالًا وأود أن تجيبي بصراحة. تفضل..
هل يمكن أن تتركي الكاثوليكية؟ أترك الكاثوليكية؟! إلى ماذا؟ إلى البروتستانتية أو اليهودية أو الإسلام أو أي دين. لو سألتني قبل شهر لقلت لك لا بكل ثقة.. أما الآن فللأسف؛ سأقول لك لا أيضًا، ولكن لا أدري لماذا إيماني أضعف من السابق، رغم أنك تحرجني بأسألتك إلا أنك تجعلني أكثر صراحة مع نفسي. أنتِ مثال الإيمان عندي، وما تذكرين من تحول ربما كان دليلًا على زيادة في إيمانك، ورغم كوني بروتستانتيًّا ولست كاثوليكيًّا إلا أني أشعر بصدق إيمانك، فأنت تنيرين لي الطريق. بل أنت مثال للبحث عن الحقيقة وستصل، أحبك جورج.
مرحبا جورج، لما علمت بمجيئك انتظرتك في مكتبي فلم تأت لي، هل تأتيني أم تود أن آتيك في مكتبك؟ سآتيك بعد دقائق، كنت أنظم أوراقي فقط. أنتظرك إذن.
مرحبا لقد اشتقنا لك جورج، كيف صحتك؟ وكيف روما؟ بل وكيف تل أبيب؟ أنا بخير؛ فقد شفيت من المرض الذي أصابني، وبالنسبة لتل أبيب؛ فقد وقعت العقود بالكامل وأرسلتها لكم، وبالنسبة لروما؛ كانت رحلة رائعة، كيف أخباركم أنتم؟ وأخبار الشركة؟
عقود تل أبيب ستشكل دفعة كبيرة للشركة، فاللوبي اليهودي متغلغل في كثير من الدول، وبما أننا وقعنا مع تل أبيب فهذا يفتح لنا أوربا كلها، بل وأمريكا، وقد صرف لك مجلس الإدارة مكافأة جيدة، هل رأيتها؟ شكرا لك كاخ على هذه المشاعر، لم أقم إلا بعملي. لا أدري كيف تستطيع أن تتجاوز العقبات، أنت مسوق مبدع! لم يكن هناك أي عقبات، لقد وقَّع مباشرة. ألم يطلب المبلغ الخاص به؟! تعني الرشوة، لقد أخذها. ألم يطلب شيئًا آخر؟ مثل ماذا؟ دعني من ذلك، كم ليلة بت مع ليفي؟ أعرف أنها تتمنع أحيانا، فهي متدينة. لم أبت معها أبدًا، ولا يمكن أن أفعل ذلك. بنيامين قذر.. لم يطوعها لك. بل قذر؛ لأنه أخذ الرشوة، فأنا لم أطلبها منه، ثم كيف تريدني أن أقبل أن يكرهها بنيامين على الجنس؟! ههههه، المهم أنه وقّع العقد، وكم كنت أتمنى لك المتعة، ولكن أنت الذي ترفض، لو كنت مكانك لما بت إلا معها، ألم تعجبك؟ أنا متزوج يا كاخ، فهل تريدني أن أخون زوجتي، أنا لا يمكن أن أتنازل عن مبادئي. دعني من كلمة المبادئ؛ فنحن نستخدمها فقط عندما نريد أن نحقق شيئًا من أهدافنا. ربما تتكلم عن شيء آخر غير المبادئ، أما المبادئ فلا يمكن تجاوزها. هل تعرف أن ليفي تبيت معي كل يوم عندما أذهب لتل أبيب؟ وهي أكبر متحدثة بالمبادئ. الضعف البشري فقط. هذه هي فلسفة المبادئ، إذا أردنا تحقيق هدف قلنا مبادئ، وإذا أردنا شيئًا آخر قلنا ضعف بشري.
ربما، لكن من أسوء الأمور أن تكون حياتك بلا مبادئ، وإنما حسب مصالحك، عند ذلك لن نختلف كثيرًا عن الحيوانات. هههه، عذرا الحيوانات خير من البشر، على الأقل لديها أمور فطرية لا تغيرها، سمِّها إن شئت مبادئًا. صدقت.. الناس بلا مبادئ وقيم أسوأ من الحيوانات، ويتحولون إلى وحوش لا يهمها إلا المال والجنس والسلطة. محاضرة رائعة يا صاحب المبادئ، دعني من هذا الآن، ولتعد للعمل، هل أنت جاهز لسفر جديد لتوقيع عقد في السويد؟
سفرة جديدة إلى السويد؟ نعم.. بعد أسبوع تقريبًا، ومجلس الإدارة مجمع على ألا يذهب إلا أنت؛ ولذا أجلوا الموعد أكثر من مرة لحين عودتك. عقد ماذا؟ تقريبًا نفس عقد تل أبيب، بل وظروفه مشابهة جدا. كيف؟ لا أفهم! مبلغ لمدير القسم التقني، مع طريقتك الدبلوماسية، وينتهي الموضوع ويوقع العقد. فهمت ما تقصد، المدير التقني هنا هو بنيامين هناك، لكن هل هناك ليفي أخرى في السويد؟ ههههه.. ألم تقل لي إنك لم تستمتع بليفي، فلماذا تبحث عن ليفي في السويد؟ أين المبادئ؟ لم أقصد، فقط أبحث عن نقاط التشابه. نعم.. يوجد مثل ليفي في السويد واسمها إنغريد، وهي بنفس جمال ليفي فاطمئن. جيّد، فقط حتى لا تظن أن رفضي بسبب الجميلة. لا أفهم؟ لن أذهب، وحتى لا تفهم أن المشكلة في أنه لا توجد ليالٍ حمراء. ولماذا لن تذهب؟ ألم تسمني صاحب المبادئ؟ الرشوة تتعارض مع مبادئي. ألم تعط بنيامين مبلغه لكي يوقع العقد يا صاحب المبادئ؟! نعم أخطأت، وإن شئت فقل ضعف بشري! ألم أقل لك أننا نستخدم المبادئ لتحقيق أهدافنا ومصالحنا، ماذا تريد؟ لا أريد شيئا، فقط لا أريد أن أذهب. وماذا لو قلت لك مكافئتك القادمة ضعف السابقة، مما يعني أنها مقاربة لراتب ثلاثة أشهر. ليست المسألة.. لا أريد جوابا الآن، اليوم لديك يومان للتفكير، فأنا متأكد أنك لن تضيع هذه الفرصة. وما هي الفرصة؟
سفر ومكافأة وترقية. ترقية؟! نعم، فمع التشكيل الجديد ـ إن وقعت العقد في السويد ـ تصبح المدير العام للشركة، أي تصبح مكاني؛ فمجلس الإدارة معجب بمنجزاتك. وأنت! ربما أصبح المدير العام للشركة القابضة لشركتنا، فكر مليًّا، أنا متأكد أنك لن تضيع الفرصة، ويمكن وضع الموعد في الوقت الذي يناسبك، هههه، وستصبح المبادئ أن توصل المبلغ، أو بتعريفك أنت أن تدفع الرشوة. وإن لم أسافر؟! تكون جنيت على نفسك في الشركة، ولا أظن عاقلًا مثلك يفعل ذلك، صدقني كنت أود أن أسافر بنفسي، لكن مجلس الإدارة مصر على أن تسافر أنت لتوقيع العقود الكبيرة، فهم معجبون جدًّا بك. سأرد عليك خلال أيام. أنا متأكد من عقلك وحكمتك، ولذا سأكلف العلاقات العامة بترتيب حجوزاتك من الآن، وستصل لمكتبك الأوراق والعقود، وتعريف كامل بالاتفاقية. أستأذنك؛ أود أن أنجز بعض الأعمال.
يبدو أن الكتاب الذي تقرئينه ممتع جدًّا! إلى حد ما أقرأ في الكتاب المقدس للمسلمين القرآن. إذن بدأت في قراءته؟ نعم، لكني رغم انهماكي فيه وفهمي له؛ أجد أني أعيد قراءة ترجمة السورة أكثر من مرة. لماذا؟ لا أدري؛ ربما لأنه يختلف كليًّا عما اعتدت عليه.! جيد.. لكن هل يمكن أن نترك هذا الموضوع والكتاب؛ فلدي قضية أود أن أستشيرك فيها. تفضل. عرض علي كاخ أن أسافر سفرًا جديدًا. هذه أول مرة منذ بدء عملك في الشركة تكون رحلات العمل بهذا التتابع، إلى أين؟ إلى السويد. السويد دولة خلابّة. ليست هذه القضية. إذن ما القضية؟! عندما سافرت إلى القدس لتوقيع الاتفاقية والعقود كنت قد حملت لمدير الشركة الأخرى رشوة كبيرة؛ لكي يوقع العقد، وهم يريدونني أن أفعل ذلك مرة أخرى في السويد. مع كراهتي للرشوة وعدم حبي لها، لكن ما الجديد؟! لقد دفعتها سابقًا. نفس كلام كاخ. أكره مديرك هذا، لكن.. افترضي أني أخطأت المرة الأولى؛ هل أكرر الخطأ؟! أليس هناك طريقة لكي يتخلص الناس من أخطائهم؟
في المسيحية قد خلصنا ونقانا اليسوع بتضحيته بنفسه من أجل البشر. وهذا ليس خاصًّا لأحد فهو للمجرم ولغيره. لم أفهم؟! أي أننا كلنا خلصنا من أخطائنا؛ فلماذا نتركها وقد خلصنا منها؟! أظن هذه مقدمة جيدة لتجارة بيع صكوك الغفران. فهمت ما تعنيه، هكذا في المسيحية، أما في الإسلام فمن تاب واستغفر الله تاب الله عليه. ما هذا التقدم، أصبحت تتحدثين عن الإسلام، أكل هذا بعد قراءة كتاب واحد؟! ألا يتوب المسلمون عند رهبانهم وقساوستهم؟ أم كيف يتم قداس التخلص من الخطيئة؟ لا يوجد أي قداس، مجرد أن تتوجه إلى الله، وتطلب منه الغفران، وتقلع، وتعزم ألا ترجع. بهذه السهولة! نعم. كل هذه المعلومات من الكتاب الذي أعطاك المسلم في روما! بل من كتاب المسلمين المقدس الذي يسمونه القرآن. لنعد لموضوع كاخ.
لا أدري، الخيارات صعبة، فإما أن توافقهم فيما يخالف مبادئك؛ فتفقد قيمتك أمام نفسك، وإما تعارض؛ فتفقد عملك ووظيفتك. نعم الخيارات صعبة، ولدي فرصة للرد عليه لمدة يومين، لكن لو كنت مكاني ماذا ستفعلين؟ أنا في مثل حيرتك، وكنت سأستشيرك في أمر خاص بالنسبة لي، لكنك سبقتني فلا أحب أن أجمع عليك حيرتين. كيف؟ لم أعد مقتنعة كثيرًا بما أدرِّس في المدرسة، ولذا أفكر في ترك عملي. تتركين عملك؟!
كما أنك لا تود أن تخالف مبادئك؛ فأنا لا أود أن أخالف مبادئي أيضًا، فكثير مما أقوله في الدرس غير مقتنعة به، فإما أن أقوله وأخالف مبادئي في ألا أقول إلا ما أعتقد، وإلا أقدم استقالتي، وبالتالي ينقطع المبلغ الشهري الذي أحصله منهم. تحول خطير، ألست تدرّسين هذا من عشر سنين؟ ما الجديد؟ ثم إذا خرجنا جميعًا من عملنا كيف سنعيش في ظل البطالة المتزايدة في بريطانيا بل في العالم؟ الجديد أني اهتزت قناعاتي بالكاثوليكية، أليس هذا ما كنت تريد؟! وعمومًا أنا لم أتخذ قراري حتى الآن. أنا آسف إن ضايقتك، كنت أمزح معك فقط. بالعكس لقد أزلت غشاوة كانت على عيني، لكن ألم أقل لك لم أرد أن أخبرك حتى لا أزيدك حيرة؟ صدقت، لقد ازددت حيرة على حيرتي.. سأفكر أكثر وسأتخذ قراري خلال يومين، واتخذي قرارك، حقيقة.. الحياة قرار. يجب أن تستشير يا جورج. لكن من يفهم مشكلة في داخل العمل؟ أي شخص من أصدقائك، لماذا لا ترسله سؤالًا في قائمتك البريدية الدورية التي ترسل لنا؟ فكرة رائعة، سأرسل الآن.
«الحلقة السابعة: واجهتني مشكلة فأحببت أن أستشيركم قبل إجابتكم على المرحلة السادسة، وملخصها: هل أستجيب لمبادئي ولو أفسدت حياتي؟ أم أنظر في مصلحتي ولو أفسدت مبادئي، آمل أن تكون الإجابة بصراحة وبوضوح، كما لو كنت أنت هذا الشخص، وهل هناك طريق يجعل المبادئ والمصالح في طريق واحد لا تتعارض؟ جورج»
«يواجه صديقي أصعب فترة على الإطلاق، ويمكن ملاحظة النقاط التالية في هذه المرحلة من بحثه: معرفة الإنسان بما لا يريد أيسر من معرفة ما يريد، ومعرفة الإنسان أن هذا ليس طريق السعادة أيسر من معرفة أن ذلك هو طريق السعادة، فالتغيير والتحول والجديد صعب على أي شخص. يحتاج أي قرار شجاعة كبيرة مع النفس، فالشجاعة عنوان لأي نجاح فكري أو عسكري أو أدبي، وصاحبي شجاع بلا شك، لكن حاجته للشجاعة الآن أكثر من السابق، فهل يستطيع أن يكون كذلك؟ يعيش صاحبي ومن حوله فترة من التحولات التي لا يركز عليها كثيرًا، ولا ينتبه لها، فهو ـ وهذا شيء غريب ـ إلى الآن لا يعرف أني مسلم، وسيفاجأ بأن أقرب الناس إليه يعيشون فترة تحولات كبيرة مثله. رغم حرص صاحبي على التعلم إلا أنه لم يتخذ القرار أن يتعلم الإسلام بسهولة، ربما يرجع ذلك لكثرة الشبه المثارة في وسائل الإعلام عن الإسلام، وربما كان جزء منه لتقصير المسلمين وأخطائهم. لا زلت أعتقد أن صاحبي في الخطوات الأخيرة في طريق البحث عن طريق السعادة وإجابة تساؤلات الحياة الكبرى، وسأوافيكم بالدروس القادمة قريبًا» آدم».
تعالي واقرأي ما كتبه آدم عني؟ بدأت أشك في هذا الشخص. وماذا كتب؟ تفضلي، اقرئي.
لم أفهم وجه الشك عندك! هو مسلم ويعتقد أن الإسلام هو طريق السعادة الذي سيجيب عن تساؤلات الحياة عندي! نعم، وهذا هو الطبيعي، طبيعي أن يعتقد أن ما لديه هو طريق السعادة. لكن.. لماذا لم يخبرني سابقا، لماذا يخدعني؟ هل خدعك وذكر لك شيئًا غير الواقع؟ لا، لكنه أخفى عني دينه وعقيدته. أظن أنه قال لك ذلك صراحة، لكنك لم تنتبه. كيف؟ لقد كتب ديانته في صفحته في الفيس بوك في المعلومات، فهو لا يخفيها أبدًا، بل يفتخر بها؛ فقد كتب في الديانة «مسلم وأفتخر». تخيلي أني لم أر هذا مع كثرة فتحي لصفحته، صدق آدم؛ فأنا لا أربط بشكل كافٍ. ألم تقل لنا في البريد أنا جميعا سنقرأ القرآن ونرد عليك؟ هل بدأت أنت في قراءته؟! لا أشغلني كاخ بمشاكله، سأقابل آدم اليوم، وسأبدأ في قراءة القرآن اليوم أيضا، وسأحاول أن أتخذ قراري في الشركة اليوم أو غدًا. لا يكن آدم أحكم منا، اسمع منه بهدوء، ودعنا نتعلم أفضل؛ حتى نرد عليه بشكل أقوى.. ربما هو يريدنا أن ندخل في الإسلام معه، فلنجعله يتنصر معنا. ربما، سأذهب إليه الآن، وسأحاول أن أسمع بهدوء وأتعلم؛ حتى أرد عليه بعلم، وأظن أني سأتناول وجبة العشاء معه.